الحراك الجنوبي السلمي تيار وطني لديه قضية متعلقة بالحق الوطني الجنوبي يعبر عنها من خلال رؤيتين سياسيتين لتيارين عريضين هما: (تيار الاستقلال وتيار الفيدرالية).
ورغم اختلاف رؤى ومشاريع مكونات تياري الحراك في توصيف وحلول القضية الجنوبية إلا أنها جميعا تلتقي على أرضية مشتركة هي المفهوم الوطني للقضية، والمفهوم السياسي للصراع، والمفهوم المدني للدولة (سواء كانت تلك الدولة هي الدولة الجنوبية المستقلة كما تنشدها قوى الاستقلال، أو الدولة اليمنية الاتحادية كما تنشدها قوى الفيدرالية). وهي ذات الأرضية التي تلتقي عندها القوى الوطنية اليمنية في مواجهة الانقلاب.
إن مواجهة قوى الانقلاب والحرب على الإرهاب يجب أن تنطلق وفق استراتيجية وطنية ومن خلال مؤسسات الدولة الشرعية، وكذلك الخلاف بين الحراك الجنوبي والقوى السياسية الأخرى يجب أن يدار بأدوات السياسة بعيدا عن أي توظيف طائفي أو مذهبي ضيق.
فمن المستحيل منطقيا أن تقبل النخب والمكونات السياسية الجنوبية الواعية ومثلها القوى السياسية الوطنية اليمنية أن تجر القضية الجنوبية إلى مربع الصراع الطائفي أو يجر الحراك الجنوبي إلى مربع صراع المشيخيات الجماعاتية أو تجر المقاومة الجنوبية إلى مربع الحرب الدينية المفتوحة ضد الإرهاب القائمة على مواجهة التكفير بتكفير مضاد.
لقد تعرض الحراك في الجنوب والقوى الوطنية في الشمال خلال العام المنصرم لضغوط واقع مرير فرضته ظروف الحرب مما أدى إلى تصاعد الخطاب الطائفي في صفوف المقاومة من جهة، وخطاب المشيخيات الجماعاتية التي تنطلق في توصيف الإرهاب من منطلقات دينية ضيقة قائمة على التكفير والتكفير المضاد من جهة أخرى. الأمر الذي أصبح ينذر بخطورة تستدعي المراجعة!
إن عواقب استفحال الخطاب الطائفي كبديل "هوياتي" عن الخطاب الوطني في مواجهة القوى الانقلابية سيجر اليمن إلى صراع طويل ستدفن معه كل القضايا الوطنية وعلى رأسها القضية الجنوبية.
وكذلك فإن السماح بتمادي الخطاب المشيخي التصفوي الذي يوسع مفهوم الإرهاب وفقا لرؤاه الدينية الضيقة -وليس وفقا للاعتبار الوطني ومعايير القبول بالدولة المدنية وقواعد العملية السياسية- فإنه سيؤدي إلى جعل اليمن عامة والجنوب خاصة ساحة لصراع المتطرفين الأضداد، وهذا سيؤدي بالضرورة إلى تواري المشاريع الوطنية التي تنشد الدولة المدنية سواء اليمنية أو الجنوبية على حد سواء!!