وطن "علي عبدالمغني" ، وأحفاده !

2016/09/26 الساعة 10:44 مساءً


* سـام الغُــباري 

- ها أنا ذا مجدداً ، في عاصمة إقليم سبأ العظيم "مأرب" ، ، حيث مرقد الولي الزاهد العابد المجاهد الشهيد "علي عبدالمغني" كرم الله وجهه ، مشاركاً ضمن وفد حكومي برئاسة معالي نائب رئيس الوزراء المناضل العملاق "عبدالعزيز جباري" حفل إيقاد الشعلة الرابعة والخمسين لثورة اليمن المجيد ٢٦ سبتمبر ، وصلنا عبر طائرة هيلوكوبتر الى مطار الإقليم قبل الغسق ، وكانت في انتظارنا سيارات الجيش الوطني والسلطة المحلية ، ذهبنا سوياً إلى مضافة القصر الجمهوري ، ومنها إلى ساحة الاحتفال حيث تتوهج شعلة السادس والعشرين من سبتمبر التي أخمد الحوثيون بريقها في العاصمة "صنعاء" ، غير أنها استعصت عليهم في "مأرب" ، فقد كان رئيس هيئة الاركان العامة "الجديد" بإنتظارهم على أعتاب بوابة المجمع الحكومي ، وحوله ٣٠٠ جندي فقط ممن تبقوا من القوات المسلحة النظامية ، فيما كانت عائلات قبائل "عبيدة والجدعان ومراد وجهم" تستقبل بإنتظام شهداءها القادمين من جبهات القتال ، وهم يقودون تشكيلات غير منظمة لمقاومة الحوثيين العاتين بسلاح الدولة التي سقطت في صنعاء دون سابق إنذار .
- لم تكن هناك ملامح دولة بعد ، تتشكل في مواجهة المجرمين المستترين بالصدمة ، فهياكل النظام المطبوع عن ولاية الفقية الإيراني بانت معالمها تحت أنقاض معبدنا الجمهوري المقدس ، كان قرار تعيين اللواء الركن محمد علي المقدشي رئيساً لهيئة أركان جيش اختطفه الانقلابيون ، وتفرقت أبعاده ، قاسياً ، حتى أن أحد اقاربه همس في إذني متمنياً كتابة مادة قصيرة تدعوه للاعتذار عن ذلك القرار بإعتباره فشلاً مُبكراً ، يخشى على تاريخه منه !
- في تلك الأيام كتب أحد الأصدقاء على صفحته بفيس بوك ساخراً من قرارات الرئيس عبدربه منصور هادي الصادرة من "الرياض" لتعيين "رئيس أركان" في "مأرب" لجيش في "صنعاء" ! ، كانت معادلة مستحيلة حقاً ، فالحوثيون الذين لاحقوا الرئيس إلى "عدن" في أقصى مدن الجنوب المستلقية بحنان على شاطئ بحر العرب ، يتحركون بعشرات الآلاف من المرتزقة ، وتحت سطوتهم خِبرة ٣٣ عاماً لألوية "الحرس الجمهوري" المُحترفة بعتادها المخيف ، ومخازنها الحربية المخبأة في أنفاق صنعاء وجبال عدن ، فيقبضون على أعناق المدن ، ويبسطون نفوذهم في أرياف اليمن وشعابها ، حتى كادت روح الجمهورية تُزهق إلى الأبد .. !
- بعد ٥٧٥ يوماً من ذلك القرار ، و٤٥ عاماً من صحوة الفجر الأولى للشعب اليمني ، جاءت ذكرى السادس والعشرين من سبتمبر وسط نشيج مؤلم يتداعى في صفحات التواصل الإجتماعي ، حتى ظننت الزعيم "السلال" يتصدر منصة الإستعراض ، وحراس الثورة والجمهورية يصطفون بثبات وتحدٍ لمواجهة البرامكة الإماميين ، وفي يده مايكرفون النداء المثقوب ، يُعلّم طلائع الجمهورية معنى الحرية التي غابت عن الوعي الوطني ، فلا يتركهم حتى يُرسّخ عقيدتهم ويطوي بصلابته أبشع صفحات النازية السلالية .
- لقد بحث اليمنيون بعد عقود التثاؤب عن هويتهم التي صنعها آبائهم ، وقرروا ترميم حصونهم المنيعة الشاهقة ، فاستنشقوا طيب  الحروف التي كتبها الثوار الماجدون عن وجه سبتمبر السعيد ، قرأوا لأول مرة بكل عشق حروف النضال الأولى بحق كهنوت عائلة الخرافة والفشل السحيق ، ونجحوا جميعاً في مادة "التاريخ" ، تناقلوا الوعي ، وتتبعوا سيرة شباب سبتمبر ٦٢م وراء أبواب صنعاء الخلفية حيث دُفنت نصال النضال ، وعلى كل باب أفاق الثوار من مراقدهم .. لقد بعثوا من جديد !.
- في عشية الذكرى ، حمل "علي عبدالمغني" جذوة الثورة من حيث أناخ راحلته في صحراء الجمهورية فأشعلها ، وألهب زئير الأسود حتى تطهرت "صرواح" من تعويذة المارقين ، ومن ذُرى "نهم" اقترب الطاهرون مُحلقين رؤوسهم ومقصرين بإتجاه اصنام وأزلام قريش ، فأثخنوا فيها الفؤوس ، ودكوا خرافة عيال "الرسي" ، وكبّروا على جبال صنعاء حتى أوّبت ، فكان يوم جحيم ، وقد تمنى الحوثي لو يُفتدى بزنبيله من عذاب السعير.
- الأبطال الذين أشاهدهم أمامي ، يتكاثرون ، تتناسلهم الجمهورية التي ماقدّروها حق قدرها ، هم من تغيب وجه الشمس أمام كثافة حشودهم المُلبية فداءً للليمن ، كانوا كالصحابة مستضعفين ، مشرقين ، ومؤمنين ، رئيسهم مرتبك ، غارق في احزان رفاقه الذين قضوا برصاص الإقامة الجبرية ، وفي عين أخيه التي ودّعها قبل أن تُكبّله أيادي الآثمين ، فلا يعود .. واليوم يأتي العيد "مقدشياً" ، وقد صنع في عين التاريخ معجزة من لهب ، هزم اسطورة ثلاثة عقود من جيش الفول المعبأ في كروش الانتفاخ ، وأذاق احفاد "الرسي" وشياطينهم عويل ثاكلات النواح في كل دار وبيت ، به ارتفعت راية المجد من عُمق مأرب ، وله عاد صوت "أيوب" شجياً : قدري دوماً يدٌ تبني غدا * ويدٌ تحرس مجد الوطنِ
.. وإلى لقاء يتجدد 
#سام_الغباري