*قبلة على جبين عدن*
بقلم /فتحي منجد
عدن ذلك الثغر الباسم الذي ينثر قبلاته على محيا الزمن فيرسم بريشة الإبداع التاريخي مآثر وفضائل هذه المدينة العملاقة التي كانت ولا زالت الوجه المشرق الوضاء لليمن، وهي من تقف شامخة دوماً عند النكبات والأحداث الجسيمة حيث استطاعت أن تصمد أمام تقلبات الدهر ومتاهات السياسة .
نعم إنها عدن ذات الثلاثة الأحرف والتي تختصر حكاية شعب وأسطورة حضارة ضاربة في أعماق التاريخ لتكون أحرفها الثلاثة اختصار لموسوعة عميقة تحتضن مسيرة شعب من أعرق وأقدم شعوب الدنيا احتضنته هي واحتواها هو عشقاً و حباً أزلياً سرمدياً يزداد وهجه، وكل يوم تستمر عدن في عطائها السخي لشعب أقترن مصيره بمصيرها .
نعم إنها عدن تلك المدينة الهادئة المستلقية على أهداب البحر تداعب أمواجه لتعزف سمفونيات الحب والسلام وتشدو بتراتيل الروحانية المفعمة بالحياة.
كيف لا وهي مدينة السلام الأولى وهي مع ذلك كتلة النار المشتعلة في وجه مشاريع الظلام والكهنوت والتمزق والاستعمار، وهي من كان لها الفضل والسبق في احتضان ثوار سبتمبر المجيد فأسقتهم من طيب خيراتها لتنعش في قلوبهم حب الوطن وتشعل في قلوبهم شرارة الثورة ليعودوا منها أباة ثائرين يسحقون عروش الإمامة الرجعية ويسقطون أعتى نظام استبدادي متخلف تسلط على رقاب شعبنا مئات السنين.
وما إن تحقق حلم شعبنا في إسقاط الامامة في الجزء الشمالي من الوطن آنذاك حتى اطمئنت عدن أن اختها صنعاء سوف تكون خير من يحمي ظهرها ويساندها فأنتفضت عدن لتلفظ الإستعمار البريطاني البغيض وتنفض بكل قوة واستبسال عن كاهلها غبار الاستعمار وتعلن للعالم أجمع أن هذه المدينة العملاقه مهما استكانت لكنها لا تستسلم، ومهما هدأت لكنها لا تنهار ولا تنحني. وتستمر هذه المدينة ترسم على جبين الحياة لوحة ابداعية تسطر في زواياها أروع صور الثبات والفداء لتكتمل بصمودها في وجه تتار العصر القادمين من أدغال التخلف والجهل الذين غرهم هدوء هذه المدينة فظنوا انهم قادرين على اجتياحها غير مدركين أنهم وضعوا أقدامهم على فوهة بركان من العزة والكرامة تنفجر حمماً وناراً من كل ذرات الحصى والرمال لتحرق أقدام المليشيات الانقلابية الغازية.
وكما هي عادة هذه المدينة أنها إذا ابتدأت مشروعها فأنها لا تتوقف حتى تحقق كل أهدافها حتى كان يوم النصر الأعظم لتنتصر على جحافل التخلف والعمالة التي يدفعها حقد الشخص الكئيب المختبي في كهوف صعدة ويساندها حقد المنتقم المرتد عن وطنه والمهووس بمرض الزعامة والتربع على كرسي الحكم.
انتصرت عدن واستبشر الشعب كل الشعب فرحاً بتحريرها مدركين أن هذه المدينة سوف تكون كعادتها حاضنة لأحلام وطموحات اليمنيين، وأنها الأم الحنون لكل أبناء الشعب وسيكون لها الدور الأبرز في تحرير أختها الأسيرة صنعاء .
ولقدتتوجت أحلام اليمنين بإعلان عدن العاصمة المؤقتة للشعب لثقتهم أنها أهلاً أن تقوم بهذا الدور العظيم .
إننا اليوم نتطلع إلى عاصمتنا المؤقتة أن تكون كما كانت عبر التاريخ أرض الخير والعطاء والسلام والتعايش لاسيما وقد أصبح الشعب اليمني أكثر ارتباطا بها كونها تمثل الدولة والسيادة.
وكلنا أمل أن أجهزة الدولة ومؤسساتها بعد عودتها الى عدن ستنهض بواجباتها نحو الشعب وأن تسعى لخدمة ابناء الوطن وتحقيق طموحاتهم في استعادة دولتهم وتخليصها من براثن الانقلابيين ومليشياتهم الإجراميه وهم واثقون إن عدن لن تبدد أحلامهم ولن تخذل آمالهم وأنها ستبقى صمام الثورة والجمهورية والوحدة بشكلها الجديد المتفق عليه في مخرجات الحوار الوطني الشامل .
نعم، وجدناها اليد الأمينة فنثرنا أحلامنا وطموحاتنا على شواطئها الجميلة ونحن على ثقة تامة أنها القلب النابض بالحياه لليمنيين و بقدر ما اتسعت شوارعها وامتدت أرضها سوف تتسع معها قلوب أبناءها ليكونوا نعم الأهل ونعم الأخوه لأخوانهم في كل ربوع اليمن.