عن مصر وما يجري فيها

2013/07/27 الساعة 06:14 صباحاً

عندما ثار الشهيد الثلايا من أجل الشعب وقف كفرد مكبّل بالقيود في الميدان تحت السيف، فجمع الإمام مجموعة من الناس وقال لهم بسلطته وسيفه: بماذا تحكمون عليه يا شعب..؟!.

 

 فقالوا بجهلهم: الموت، الموت، فالتفت الثلايا قائلاً كلمته المشهورة: «لعن الله شعباً أردتُّ له الحياة وأراد لي الموت» كان الإمام بهذا يقول إنه أخذ تفويضاً من الشعب لقتل الشهيد الثلايا.

 

 الثلايا في نظري كان قاسياً على الشعب؛ لأن هؤلاء ليسوا شعباً، من يجمعهم الحكم بأمره وجبروته وقروشه وإعلامه ليسوا شعباً؛ هم أقرب إلى العبيد، والرعية الذين لا يدركون الأمور ويساقون سوقاً بالعصا والإعلام والمال وأشياء أخرى ملتبسة يعرفها البعض في نصف الطريق؛ بعضهم يعود وبعضهم يأخذه القِمر والمكابرة فيسير على الأشواك التي ستقتله وتذلّه غداً.

 

 اليوم نرى في مصر الصورة مماثلة، فقد الجيش حياده أو قُل قادة الجيش فشلوا في الحيادية وتجاوزوا حتى الرئيس الموقت، ودعوا الناس إلى الخروج بحشد مضاد لتفويضهم محاربة الإرهاب؛ أو قل لقتل الشعب كما فعل الإمام مع الثلايا؛ مع الفارق الكبير أن ذاك فرد وهؤلاء شعب بالملايين، وهو ما اعتبره الكثيرون ومنهم قريبون من السلطة الحاكمة أقرب إلى دعوة خطيرة لحرب أهلية، وفشل سيسقط قريباً.

 

الحشد أعدّ له شهراً كاملاً بعد فشل كل دعوات الاحتشاد في الأسابيع الماضية وسينفض، وكان الحشد السابق قد أعدّ له شهرين في 30 يونيو بدعم الدولة والجيش والأشقاء في الخارج مع كل دولاراتهم.

 

 ومع أن مجرد وجود حشدين في الشارع هو فشل للنظام يعكس أزمة حادة يستدعي البحث عن مخارج وليس تصعيداً أعمى؛ وهو ما كانوا يردّدونه أيام مرسي، فإن الفشل الأكبر هو أن حشداً مدعوماً ومحمياً من الجيش؛ بل تم باسمه، وكان لافتاً أمس توزيع الجيش بياناً يقول إن الجنود سيفتدون المتظاهرين الذين سيخرجون في التحرير بأرواحهم!!.

 

 بيان بائس ومؤسف حقاً؛ في الوقت الذي يتم فيه شيطنة حشد آخر من الشعب المصري مؤيد للرئيس المنتخب، مع إلقاء تهم غريبة على الرئيس المخطوف مثل التخابر مع أكبر وأشرف حركة مقاومة فلسطينية وهي حماس، وكيف يُقال لرئيس دولة إنه متهم بالتخابر مع الخارج وهو رئيس جمهورية مهمته الاتصال والتحدث باسم مصر مع كل الخارج؟!.

 

 هناك أمور في غاية الغرابة والإفلاس تعطي صورة معتمة لمصر، وتنذر بكثير من السودائية فيما لو استمر اختطاف الدولة لاستخدامها طرفاً ضد طرف، بالتأكيد لن تتم هزيمة أي من الأطراف، ولن يستطيع أحد إقصاء أحد؛ لأن هؤلاء موجودون كمجتمع؛ لكن التي ستسقط هي مصر ودولة مصر لو استمر العبث على هذ النحو، وهذا ما يريده الخائفون من مصر قوية.

 

 لا يوجد حل غير المصالحة الوطنية؛ لكن ليس على شكل أقتلك وأحبسك وأختطفك وأشيطنك وأتهمك بكل النواقص؛ ثم أقول لك كل هذه أدلة حُسن نية للجلوس على طاولة الحوار..!! الأمر يحتاج إلى أن تنتهي كل الإجراءات التعسفية، ثم الجلوس على طاولة حوار، وتغليب مصلحة مصر وليس أعداء مصر.

 

 حفظ الله مصر، وخيّب كل ظن أعدائها ومكرهم الأسود، وردّه في نحرهم قريباً.

[email protected]