موسى المقطري
في خضم الأحداث الراهنة ينسى أو يتناسى البعض حربنا الحقيقية لاستعادة الشرعية والقضاء على الانقلاب بصوره المختلفة ، وفي وسط هذا النسيان أو التناسي يحاول هؤلاء جر الشرعية بمختلف مؤسساتها إلى حروب جانبية ، وصراعات لاتحقق الهدف الأهم وانما تبذر الطاقات وتشرذم القدرات وتلحق بصف الشرعية بعض الضعف الذي لاشك سيترك أثرا سلبياً في مسيرة القضاء على الانقلاب .
يجب ان تتوحد الطاقات نحو الهدف الأوحد والأهم ، وتنصب كل الجهود في سبيل تحقيقه ، وماعداء ذلك فهو لعب بالوقت ، واهدار للجهد وتاخير للحسم .
ليس بمقدوري ولا بمقدور أحد التعامل مع الشرعية كمؤسسة نموذجية في ظل ظروف فرضتها حالة الانقلاب والحرب التي اشعلتها جماعة الحوثي وحليفها المشؤم صالح ، إنما وجب التعامل معها كمؤسسة لها الأحقية في الولاء ما دامت تعمل للقضاء على خطر الحوثيين وصالح على اليمن حاضراً ومستقبلاً وهي في الوقت الراهن تكافح مع الخيرين من أبناء هذا الشعب وبدعم دول التحالف العربي لتحقيق ذلك .
يحب أن يتوقف طعن الشرعية من الخلف باسم التصحيح ، وليس ذلك لأن أدآئها نموذجياً لكن لأنها تحمل على عاتقها مشروع عظيم ، ولأجله دخلت في حرب إجبارية لاستعادة كيان وهيبة الدولة ، وهذا كله يضيف عليها مزيدا من الأعباء ويتطلب الكثير من الجهود في ظل انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة ، وليس لذلك من معالجة إلا العودة لمرحلة البناء الهيكلي من جديد والانشغال بالبناء كاولوية لمؤسسات الشرعية الناشئة ، ولن يتحقق ذلك الا عبر تقبلنا لادائها واعتباره أفضل ما يمكن تقديمه في الوقت الراهن .
في المحصلة النهائية علينا أن ندرك أن الشرعية هي أنا وانت ، والرئيس والمرؤوس ، وليس مناسباً في هذا الوقت تقييمها وفق معايير عالية ، واطلاق الأحكام جزافاً في حال ظهور اي تقصير ، أو خلل ، وهذا بالتأكيد مرده لغياب المؤسسات الفاعلة والتي لازالت في طور البناء ، أو لم تبنَ بعد أصلا ً.
هناك معركتان تخوضهما الشرعية اليمنية في الوقت الراهن ، معركة في الجبهات لاستعادة الأرض ، ومعركة اخرى تتمثل في استعادة المؤسسات عبر إعادة البناء من جديد ، ومن الصفر غالبا أو بعده بقليل فقط ، وهذا لاشك يترك قصوراً في الأداء لكنه مبررا ومعقولاً ومقبولاً .
ليس من الحكمة ان تنحرف بوصلتنا فنوجه هجومنا على الشرعية بمختلف مؤسساتها ، فنكون بذلك انجررنا إلى مربع الانقلابين ، وساندناهم في محاولتهم الطعن في شرعيتنا القائمة من حيث نعلم أو لا نعلم، ونكون بذلك قدمنا لهم خدمة مجانية تترك أثرا سلبيا ممثلاً باحباط المعنويات لدى العاملين في صف الشرعية سواء في جبهات المواجهة ، أو جبهات بناء المؤسسات ، كما تترك أثراً لدى المجتمع الحاضن والذي ينتظر منا من يرفع لديه نسبة الامل ، وليس من يسرب اليه اليأس والقنوط .
لأرباب الأقلام والقائمين على وسائل الإعلام والمتحدثين مع الناس والناشرين في وسائل التواصل الاجتماعي أقول :
لنكن دعاة تجميع لا تفريق ، ولنزرع الأمل ونكافح اليأس الذي يتسرب للمجتمع عبر حروفنا ، لنجعل يدنا في يد مؤسسات الشرعية ولانجعل سكاكيننا دامية في عنقها ، لتكن جهودنا موجهة نحو انهاء الانقلاب شكلا ، ومضمونا ، وأدوات .
دمتم سالمين ..