طبيعي أن تتحول الأمور في الاتجاه التي تقلق إيران وتربكها وتثير غضبها ، إيران هي من فتحت الأبواب للروس في المنطقة وتكون بذلك خلطت كل الأوراق ، الروس أربكوا الأشياء وابتعدوا بها بعيدا عن تطلعات وتخطيط الأمريكان وبلدان كبرى قاتلوا سويا في المنطقة منذ زمن واستشهد من جندهم الكثير أي منذ ما بعد أحداث نسف أبراج أمريكا بالطائرات المدنية .
إلغاء رفع العقوبات على إيران واستئناف تمديدها لعشر سنوات قادمة الهدف منه أولا إضعاف وإرباك إيران و ( اصطيادها !؟ ) إن تجاوزت في رد فعلها وثانيا منع روسيا من حصولها على مكاسب ستجنيها عبر شراكتها التصنيعية المتفق عليها مع إيران في المجالات التطويرية في الجانب النووي أو العسكري أو المدني ، وثالثا ستهرع السعودية والخليج نحو أمريكا لحمايتها من الخطر الإيراني الذي سيعاود التخصيب النووي وتطوير مفاعلاته .
أمريكا تدرك جيدا حجم ألصفعه التي وجهتها للإيرانيين وتدرك مسارات الرد الإيراني وحساباتها جاهزة ، وفعلا كان للصفعة صداها وتوعد بالرد رأس إيران ومرشدها ولاية الفقيه على خامنئي وكثير من قادتها والسياسيين .
المنطقة برمتها تم إضعافها ، ودمرت ، وفتت ، وكل الأشياء تغيرت ، وغربلت ، وأصبحت المناطق ألمعروفه بأهلها يعيش فيها غير أهلها أو يعيش عليها شعب آخر وليس للحصر سنذكر العراق وسوريا نموذجا .
كل ممارسات القتل وتصفية العلماء مضاف إليه إشراك خيرة الشباب في الحرب التدميرية الممنهجة سيجعل الوطن يعيش في دوامه من الفراغ والتيه وسيدخل في انتكاسات ومآسي قادمة ومتتالية ولن يقوى الشعب على إنقاذ وطنه وسيركن على الخارج مستقبلا في تسيير كل أموره .
ألعجله تحركت بسرعة هائلة إلى الخلف ، وتحولت هذه البلدان المستقرة المزدهرة المكتفية سابقا وكانت في طريقها نحو التقدم إلى بلدان تعيش فقر مدقع وظلام دامس وشعبها في شتات وتحتاج إلى عقود لنهضتها شريطة أن توقف الحرب ويتصالح الخصوم .
رعونة إيران ومخططاتها القادمة التي تستحضرها من التأريخ ليست مهيأة لها كل الأرضيات ، لقد اختزلت كل الأطراف القوية والمتعددة في المنطقة ودمر الكثير منها عبر مراحل وطويت صفحاتهم وانتهى قادتها والايدولوجيا ودول بعينها ، الساحة اليوم فاضيه إلا من طرفين اثنين لا غير إيران وتحالفها والسعودية والخليج وتحالفها .
من الغباء أن يفهم أن السعودية ودول الخليج العربية هي الخطر على المنطقة والعالم ، ومن غير المنصف أن أصولية معتقدها الديني هو من صنع الإرهاب ، أو أنها تمتلك ترسانة عسكريه تمثل الخطر الأكبر للمنطقة وللكل ، أو أنها تخطط لقطم أجزاء كبيره من الأرض وتضعها تحت أقدامها ، أو أنها تدعي ملكيتها لجزء كبير من الأرض يبكي تأريخها من أجل استعادته ، أو أن موقعها يشكل تهديد عالمي وسياستها تضر بالعالم ، أو أن موقعها يشرف على خطر مستقبلي لدول العالم ، أو أن المجتمعات الكبرى أرهقت من التفاوض معها وعظيم مكرها ودهاءها ، أو أنها مستقلة الأداء والتوجه والهدف ، كل هذه الأمور لا تنطبق على السعودية ارض وتأريخ وسياسة ولا يشعر المجتمع الدولي بأي خطر من السعودية والخليج بل إن سياستها تتماهى مع الأقوياء للحفاظ داخليا على أمنها واستقرارها وتبعد عنها شرور الأطماع الخارجية .
صحيح أن التدخلات السعودية السافرة بحق بلدان مستقلة وذات سيادة وما قامت به من ممارسات وادوار إذلالية أربكت بمجملها بعض الدول وأضعفتها وفي اتجاه آخر ساعدت وبدرجه كبيره في إسقاط الكثير منها ، إلا أن هذا الفعل يتماشى مع خطط وتطلعات الدول الكبرى ومكسب السعودية الوحيد هو أن تكون في نضرة الكل أنها لاعب أساسي في القرارات الدولية بحق الأنظمة والشعوب والمنطقة وتغييراتها ، هذه الممارسات ضاعفت من معدل كراهية السعودية ليس على مستوى انظمه وبلدان محدده بل تعدت هذه الكراهية وتمددت أفقيا على مستوى شعوب بعينها قريبه منها وهذه الممارسات لا تعد خطر على وجودها .
كل الأمور في المنطقة تسير بما خطط له ؛ العراق يحمل بذور الفتنه التي لن تنطفي نارها وكذلك سوريا ولبنان حتى ليبيا أصبحت اعنف وفي داخل كل دوله ذكرناها دويلات يصعب تجانسها وحتى الدول الأخرى في المنطقة والتي تعد متماسكة شكلا يعصف بأركانها الحاجة والجوع والمرض ، أو التناحر السياسي ، ولكي لا نبعد كثير استدعاء إيران لتحالفات قويه مثل روسيا لبسط هيمنتها وعلو مشروعها وتحقيق حلمها في المنطقة - جرى خلف الذيل الروسي في المنطقة تباعا كل من تركيا ومصر - ورسم معالم جديدة بعيدا عن الأقوياء لهم في العالم أمثال أمريكا ودول من أوربا ، هذه الأمور ستعجل من المواجهة المباشرة الساخنة أو الباردة مع إيران ، في كل الأحوال السعودية والخليج في مأمن عام على المستوى القريب والبعيد داخلها وفي إطار حدودها ويعلم ذلك البسطاء من المثقفين انطلاق من اعتبارات ومحددات كثيرة تم ذكر بعض منها ، وهي اقدر واعنف على تماسكها الداخلي ومشروعيته ، صحيح أن الدور الريادي للسعودية والخليج خارجيا سيتقلص بشكل كبير وتدخلاتها المعهودة بحق دول أخرى قريبه أو بعيده ولكن سيفعل دورها الاتحادي فيما بينها كضرورة مصيريه تحدده تقلبات السياسة ونوع التحالفات والقوى المهيمنة الجديدة ودرجة قربها وبعدها منها ، في الأخير لن يبقى في الواجهة إلا إيران وترسانتها العسكرية وطموحه النووي وتوسع نفوذها وتحالفاتها المزعجة وجماعاتها المسلحة وكل هذا وهناك والكثير لم يتم ذكره يعد الممانع لما تحمله الخطوط العريضة لخارطة طريق العالم وتوازناتها وإدارتها للموارد والثروات والممرات فالقادم يتجه أن تكون إيران ضعيفة وتؤكل من داخلها أو بمحددات ادهي وأكثر مرارة .