على أطلال حلب

2016/12/14 الساعة 04:18 مساءً

 
 
 تتزاحم الكلمات في لساني فلاتترك الكلمة للأخرى مجاﻻ للخروج ، والعبرات في حلقي  ، وانحبست  بين الحنايا والضلوع ، تبكي مجدا ، وأمة فقدت كل شيئ حتى الكرامة .

سقط العالم أخلاقيا ،  وسقطت المدنية ... و هوت  حضارة الشرق والغرب في دركات الانحطاط ، وتوارت من الوجود أنشودة الغرب الجميلة ( حقوق الإنسان ) التي فتنا بها زمنا طويلا .

لك الله ياحلب ، لك الله يا درة المدائن ، لك الله أيتها الكرامة ؛ المراغ أنفك في التراب تحت أقدام المجوس .

انهمرت  العيون بالدموع  وحق لها أن تنهمر ، تبكي الأشلاء الممزقة ، والأجساد المتفحمة ، والأطلال المدمرة ، والطفولة المشردة ، والنساء المهجرة، في مشهد يعصر القلب حسرة وأسى  .

سقطت القانون الدولي من على ارتفاع شاهق يلامس أجنحة الطائرات الروسية ؛ التي توزع الموت في أرجاء المدينة المسالمة ، و نزع العالم القناع عن وجهه القبيح ، وخرج في صورته وهيئته الحقيقة ، وجه المصالح والمنافع ، وهيئة المطامع والنفوذ ، دفاعا عن أنظمة صنعها منذ زمن بعيد،  وأوكل إليها حراسة مصالحه ، فلما أصابها الوهن ؛ ولم تعد قادرة على القيام بهذه المهمة قام بها  بنفسه .

تهاوت بيوت الحلبيين على روؤس أهلها  ، وتساقطت أحجار المآذن التي كانت تعلو منها صيحات الله أكبر الله أكبر ؛ وسقط معها الضمير أخر حصون الإنسانية وقلاعها المنيعة ، وسقط القانون الدولي، و معه محكمة ﻻهي لجرائم الحرب ، وسقطت الأمم المتحدة ، وانعقد لسانها  إﻻ من بيان هزيل يدعو السكان المدنيين إلى مغادرة بيوتهم .

فلسان حال الأمم المتحدة يقول : العالم ﻻيعترف إﻻ بالأوزان الثقيلة ، و مجلس الأمن الدولي  نقل - رسميا -  قوانين لعبة مصارعة الثيران القذرة التي ﻻتنتهي إﻻ بموت أحد المتصارعين  الثور أو الخصم من حلبات مصارعة الثيران  إلى قانون تدار به صراعات المنطقة العربية ، وتحل به نزاعاتها .

سكتتالأمم المتحدة ، و المحكمة الدولية ، وصمت معها الإعلام الدولي عن جرائم النظام السوري وحلفائه وأذنابة ، حتى يخيل إليك حيال هذا الصمت أن ماتشاهدة من آبادة أنها مشاهد تمثيلية وليست حقيقة ، عندما تقارن تعاطي هذه المنظمات والمؤسسات   الدولية ، ،  والإعلام الدولي مع جرائم ارتكبت في عصور غابرة ﻻتزال ملفاتها مفتوحة لليوم كآبادة الأرمن أو محرقة الهولوكست،  .

فيتبين لك  أن الأمور بأسبابها ، والمشاريع بأهدافها ، والأحداث بمآﻻتها ، فعصبة الأمم التي أنشأها الحلفاء عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية منظمة صنعها المنتصر لحماية مصالحه ، وفرضتها قوى النفوذ الدولية ،  ونفخ فيها الإعلام الدولي روح الأممية  ، وإن  المحكمة الدولية مؤسسة قانونية لها وظيفتان : الأولى فض النزاعات بين دول النفوذ  وحمايتها من الإنتهاكات الجسيمة  بصورة قانونية ، والأخرى مؤسسة تهديد وابتزاز لدول  المنظوية تحت رأيتها من خارج دول النفوذ الدولي  ، فتجعل  من النزاعات والحروب فيها سيفا مسلطا على رقابها ، وورقة ابتزاز تبتزها بها كلما دعت الضرورة إلى ذلك،  وأكبر دليل على ذلك الصراع العربي الإسرائيلي في فلسطين ،  وقضية إبادة الأرمن التي تبتز بها الدول العظمى الأتراك كلما دعت الحاجة إلى ذلك .

                    
                 سعيد النخعي 
       عدن 14/ ديسمبر /2016م