ليس دفاعا عن العيسي

2016/12/21 الساعة 12:34 مساءً
قرأت مقاﻻ يستصرخ فيه صاحبه النخوة العربية لإنقاذ مصفاة عدن من أحمد العيسي ، ويقول : بأن العيسي دمر مصفاة عدن ، والعيسي حول المصفاة إلى ملكية خاصة به ، وهذه من حيث التوصيف الدقيق تهم وليست حقائق لان الحقيقة ماقام عليها دليل ، ولو أورد دﻻئل على ماقاله ؛ لأخرجتها من طور التهم إلى طور الحقائق . الحقيقة هي الشي الوحيد الذي يهرب منه المشتغلون بالشأن السياسي والإعلامي ؛ لسبب يعلمه الجميع وهو أن طريق الحق مكلف ، والحقيقة أصبحت بضاعة مزجاة ﻻيقبلها الناس، بعد أن تحول المجتمع إلى مستهلك نهم للأساطير الخرافية والخزعبلات التي تسوق الوهم ؛ فتولد عنها شعورا مزهوا بالانتفاخ ، والانتفاش الفارغ ، يتعاطى مع الخيال أكثر مما يتعاطى مع الواقع . وهذا دفع السلطة المحلية في محافظة عدن إلى تطبيق نصيحة ميكافلي التي تقول: (إذا خفت من تمرد الأتباع فاقنعهم أن مصالحهم مهددة وسيلتفون حولك وهم ﻻيعلمون أنهم يلفون حبل التبعية حول رقابهم ، أسرفت السلطة المحلية في إتباع هذه القاعدة السياسية ، ربما لأنها ﻻتملك مشروعا سياسيا ، أو اقتصاديا ، أو إصلاحيا ، بعد أن تخلت عن مشروعها السياسي الكبير (التحرير واﻻستقلال واستعادة الدولة ) الذي أصبح مصدر حرج لها لتناقض البداية مع النهاية ، في مسلك سياسي ينفي اليوم الأمس بوضوح ، رغم محاوﻻتهم إقناع الأتباع بممارسة بعض الأنشطة التضليلية لكي يقنعوا الأتباع بأنهم ﻻزالوا على الدرب سائرون ، كدعوة محافظ عدن إلى إنشاء حامل سياسي للقضية الجنوبية ، وبدأ بتشكيل اللجان ،والهيئات، و عقد الاجتماعات التنسيقية والتشاورية ، وبالفعل نجح نجاحا منقطع النظير، وتكللت هذه الجهود الجبارة برفع لوحتين كبيرتين مكتوبا عليها ( نعم لكيان جنوبي يمثلني) واحدة في جولة كالتكس ، وأخرى في منتهى الطريق البحري ، يقابل ذلك فشلا ذريعا في مجال الخدمات ، وانتشار الفساد في المرافق الإيرادية كالميناء ، والمطار ، والمصافي ، والضرائب ، وشركة النفط وغيرها وتحولت من مرافق إيراديه ترفد خزينة الدولة بالموارد المالية إلى مرافق تستجدي راتب موظفيها ، وبدﻻ من تفعيل دور الأجهزة الإدارية والرقابية في هذه القطاعات الإيرادية تحولت إلى إقطاعيات يعشعش فيها الفساد تعمل بنظام الجبايات والأتاوات . اعتمدت السلطة المحلية على الشحن الثوري ، و تقليد حكام اليسار على الطريقة الشيوعية حين كانت هذه الأنظمة تجمع السلطة السياسية والعسكرية والإدارية في ذات بشرية مقدسة يمنع الأقتراب منها بالنقد أو حتى النصيحة متناسين أن عدن لها تجربة مريرة مع هذا النوع من الحكام. فشلت قيادة محافظة عدن فشلا ذريعا ، في كل المناحي الأمنية والإدارية والسياسية ، فهربت إلى الأمام باختلاق الأعذار ، ورواية الأساطير ، معتمدة على الشحن الإعلامي، وترديد الشعارات الثورية الفارغة ، والناس تردد : ﻻت الحين حين شعارات ، الحين حين مصالح وخدمات. أعطت السلطة المحلية الأذن للأبواق التابعة لها سواء الواقعة تحت سلطتها الإدارية ، أو المواليه لها سياسيا ، أو مناطقيا ، ببدأ العمل ، واختارت لها عنوانا كبيرا ( هناك قوى في الشرعية تعرقل عمل السلطة المحلية ) ووقع الاختيار على شخص محمد مارم؛ فحولت هذا الأبواق محمد مارم من شخص هزيل على الواقع إلى اخطبوط ، ورجل ظل خطير ممسك بخيوط العملية السياسية والأمنية ؛ حتى وأنت تقرأ أو تسمع هذه الخزعبلات يخيل إليك أنهم يتحدثون عن الدور التاريخي لعلي محسن الأحمر أيام حكم علي عبدالله صالح ، خرج مارم من المشهد السياسي ، مخلفا فراغا كبيرا بالنسبة لهذه الأبواق . فوقع الاختيار على رجل البدو القوي أحمد صالح العيسي ، وأورد (مصطلح البدو )لأن الاختيار كان في الأولى والأخرى على أساس مناطقي ، لكي يضمنوا تسويق وقبول الأراجيف في أوساط الأتباع الذين يوالونهم على أساس مناطقي نتن . بدأ الإعلام الموالي النفخ في بوق الدعاية ، مرددة ، العيسي احتكر النفط ، العيسي استولى على مصافي عدن ، العيسي سبب الزيادة في أسعار المحروقات حتى أني قرات مقالا في أحدى المواقع بعنوان : أشجار نادرة مهددة بالإنقراض بسبب احتطابها نتيجة الحصار الذي فرضه العيسي على سقطرى . إلى هذا الحد بلغ الاستهتار بعقول الناس لأنك عندما تجعل من إنسان سببا للخير أو الشر فأنت تحتقر المجتمع ، حين تجعل شخصا في كفة والدولة في كفة فأنت تلقي الدولة ، حين تجعل مسؤوﻻ أو قائدا أو مستثمرا في كفة ومعاناة الناس في كفة فأنت تتخلى عن زينة العقل طواعية وبلا ثمن . العيسي أستولى على مصافي عدن، ماذا فعلت أنت حيال ذلك كسلطة ؟؟؟ اخرج على الناس ببيان رسمي وسأصدق دعواك ، وانشر فصول رواية العيسي مكتوبة وسأجزم بصدقك ، أما أن توكل هذا الدور للأبواق فهذه حجة عليك ﻻ لك، و الناس شبت عن الطوق و أكبر مما تتصورون . العيسي احتكر النفط ، وكأن العيسي يورد النفط بالقوة باستخدام بلاطجة ، والحقيقة التي ﻻ تستطيعون إنكارها أن العيسي يورد النفط بموجب مناقصة تمت أيام عبدالسلام حميد الزبيدي قريب المحافظ حينما كان مديرا لشركة النفط ، وهو مخترع هذه الرواية ولم يقم عليها دليل ، بل أن موقف العيسي كان قويا حين خرجت شركة عرب جلف ببيان تتحدى فيه شركة النفط أن تثبت ماتردده من إشاعات في بيان رسمي فسكتت شركة النفط حينها فمن تريدني أصدق المتحدي أم المتحدى ؟؟؟ العيسي سبب زيادة 700 ريال في كل دبة ظلما وعدوانا ، وبدون قرار رسمي من الحكومة لليوم ، السؤال الذي يطرح نفسه هل يدار القرار السياسي والإداري من مؤسسات الدولة ، أم يديرها العيسي من بيته باسمه وصفته وختمه ؟ وفي الأخير هناك من يتهمكم كما تتهمون الأخرين : الأولى : تتهمون بالتسلق على أكتاف الجماهير حين تدثرتم بقضية سياسية كبرى وبمجرد أن ذقتم عسيلة السلطة أصبحتم اليوم تستحون من ذكر شعار التحرير واﻻستقلال الذي كنتم ترددونه حين كنتم على دكة الاحتياط . الثانية : ماذا قدمتم لعدن ؟ وماذا تحقق في عهدكم الميمون ؟ الثالثة : مالفرق بين فسادكم وفساد من قبلكم ؟ الرابعة : ماهو الإنجاز الذي ستدافعون به عن أنفسكم لو أعفتكم الشرعية من مناصبكم وعدتم إلى دكت اﻻحتياط ؟ الخامسة : ماهو الفرق بينكم وبين المسؤولين من قبلكم من حيث الأداء ونظافة اليد؟ الناس يقولون : الخطبة هي الخطبة ، والجمعة هي الجمعة ، أما أن تتحملوا المسؤولية أو اتركوها، وثقوا أن الشمس لن تتوارى عن أعين الناس حزنا على أحد والقمر لن يغيب . سعيد النخعي عدن 21/ ديسمبر/2016م