-------------------
علي البخيتي 25 يناير 2017م
خلال الأسابيع الأخيرة بدأ الحوثيون في تنظيم دورات تدريبية في مختلف المحافظات والمدن والمناطق التي تخضع لسلطتهم تحت عنوان: (أشداء على الكفار)؛ في إيحاء واضح الى أن الأطراف التي يقاتلونها كفار؛ ولأنهم لا يقاتلون منذ نشأتهم الا اليمنيين، ومؤخراً السعودية وبعض جيوش التحالف العربي فإن ذلك يعني أن الحوثيين يعتبرون خصومهم السياسيين من اليمنيين والعرب كفار؛ وهذا تطور خطير في فكرهم بل وتطرف يستدعي الانتباه.
***
فإلى ما قبل أشهر فقط كان يتعامل الحوثيون مع خصومهم من اليمنيين؛ أياً كانت درجت الخصومة؛ على أساس أنهم منافقين؛ باعتبار الحوثيين هم المؤمنون الصادقون، وغيرهم مؤمنون ظاهراً لكنهم يُبطنون النفاق، لعدم اعترافهم بولاية عبدالملك الحوثي، ولا بالبطنين وأحقيتهم بالحكم كما يعتقدون، وتسميتهم مؤخراً لخصومهم بالكفار تطور ينبغي الوقف عنده باستفاضة، لأن ذلك الشعار أو العنوان الجديد لدواراتهم التدريبية ليس وليد الصدفة، أو اجتهاد شخصي من أحد القادة الميدانيين، بل عمل منهجي يتم تنظيمه في مختلف المحافظات التي تحت سيطرتهم، وبنفس التدريبات والشعارات والعبارات والآليات، ويقوم رئيس لجنتهم الثورية محمد علي الحوثي وغيره من قياديي الحركة بزيارات ميدانية شبه يومية لتلك الدوارات، ومن المهم ملاحظة أن تلك الدورات التدريبية لا تستهدف التابعين لهم عقائدياً فقط، بل تستهدف الشرائح الأخرى كذلك، والتي ضاقت ذرعاً من شرعية عبدربه منصور هادي وتضررت من الحرب التي يشنها التحالف، ولم يعد امامها من مجال للعمل وكسب الرزق الا الانخراط في اقتصاد الحرب التي خلقته الأوضاع الحالية وأصبح المصدر الوحيد لرزق للكثيرين، وتلك الشرائح في غالبها قريبة أو محسوبة على حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، إضافة الى شريحة المستقلين وكل من وجد نفسه على النقيض من شرعية هادي وعاصفة التحالف، ولهذا ابتدع لهم الحوثيون شعاراً جديداً (أشداء على الكفار) أشد تطرفاً من شعارهم الأصلي (الموت لأمريكا.......)، حتى لا يشعر المتدربون أنهم يجندون تحت شعار حوثي خاص، ومن خلال الدورات سيتم فرز المتدربين الى شرائح، واستقطاب من يمكن في جانبهم العقائدي، وتوظيف الباقين في مختلف جبهات الحرب.
***
كما أن هناك ملاحظة أخرى وهي أن المتدربين من مختلف الشرائح العمرية، ولا يقتصر الأمر على اليافعين وجيل الشباب كما هي عادة الحوثيين، إذ بدأوا باشراك كبار السن كذلك، إضافة الى وضع ربطات على رؤوس المتدربين تحمل شعار (أشداء على الكفار)، وهذا الأسلوب جديد تماماً على حركة الحوثيين، وقريب جداً إن لم يكن مستنسخ من آليات حزب الله والمليشيات التي أنشئت في العراق مؤخراً بدعم من النظام الايراني، ويظهر أن الحوثيين يخططون لتجنيد المجتمع من خارج أتباعهم مستغلين السخط الهائل ضد التحالف العربي الذي لم يميز في حربه بين أحد.
***
يبدوا أن هناك نقصاً حاداً في العنصر البشري المقاتل لدى الحوثيين، لذلك يسعون الى تجنيد أكبر عدد ممكن، ومن مختلف التوجهات السياسية والفكرية والفئات العمرية، وأشركوا حتى النساء في تلك التدريبات، وهذه سابقة أخرى يجترحها الحوثيون في اليمن، فلم يسبق لمجموعات مسلحة أو سلطة يمنية تجنيد النساء في حرب بهذا الشكل الكثيف والجدي، كما أن استخدامهم لشعار (أشداء على الكفار) يعني أن كل شعاراتهم السابقة تم استهلاكها لذا استخدموا أكثرها تطرفاً وعلى ما يبدوا أنه سيكون آخر شعار قبل سقوط سلطتهم.
***
الحوثيون النسخة الأشد تطرفاً داخل ما يمكن وصفه بالإسلام الشيعي، بعد أتباع مقتدى الصدر، باعتبار الزيدية أحد فروع هذا الإسلام، مع أنهم اقرب الى السنة في الكثير من المسائل، العقائدية والفرعية، الا أن الحوثيين يمكن اعتبارهم حالة تطرف داخل المذهب الزيدي تأثرت كثيراً بالفكر الاثني عشري فيما يتعلق بالنظرة الى خلافة الشيخين، باعتبارها غير شرعية، على خلاف العقيدة الأصل للزيدية والتي تقر بصحة خلافتهما مع اعتقادها أن الامام علي كان الأفضل، لكن أفضليته لا تعني عدم شرعية المفضولين الآخرين، وهذه قاعدة معروفة ومشهورة وأصل عقائدي لدى الزيدية، النسخة الأصلية، والتي تقر بصحة ولاية المفضول في وجود الفاضل، ما يعني أن رأي الزيدية أتى وسطاً بين تطرف الاثني عشرية ووجهة نظر أهل السنة التي تساوي بين الامام علي وبين الشيخين، واعتراف الزيدية بشرعية ولاية ابي بكر وعمر تُعد نقطة الخلاف الرئيسية بينهم وبين الاثني عشرية، وهي النقطة التي جعلتهم أقرب الى أهل السنة.
***
كما أن هناك بُعد آخر يجب التنبه له، وهو أن جذور الحركة الحوثية ليست شيعية فقط، بل أنها سلفية وهابية وأحياناً داعشية وقاعدية في الكثير من القضايا، وبالأخص فيما يتعلق بالحقوق والحريات المتعلقة بالنظرة الى المرأة، فقد تأثرت الحركة الحوثية بالجار السعودي في هذا الأمر ونقلت كل تطرف فيه نتج عن الأفكار الوهابية فيما يخص التشدد في التعامل مع المرأة، بعكس الحركات الشيعية في لبنان والعراق التي تأثرت بالحضارات المنفتحة على الأقليات والمختلطة بها مما خفف من تشددها تجاه المرآة، ولأن الجغرافيا التي يقف عليها الحوثيون عزلتهم عن قلب العالم الشيعي في العراق وايران فقد أتت حركة الحوثيين نسخة مشوهة ومزيجاُ خاصاً من كل أفكار التطرف الشيعية والسنية على السواء.
#علي_البخيتي