خياراتنا ضيقة ، وأفق الرؤية عندنا محدود ، فلا ننظر للأشياء مجردة حتى نراها على حيقيتها ، بسب التخندق حول قناعات خاطئة ﻻتشبع وﻻتغن من جوع ، قناعات ﻻوجود لها في عالم الناس ، وأن وجدت فهي عبارة عن هامش ﻻيلتفت إليه الأخرون إلا في وقت فراغهم فقط .
الكل يمارس السياسة ، والكل ﻻيفهم السياسة ، نخب تمثل دور سارق الحرفة ، ومجتمع يمارس هواية خطيرة ﻻيجيدها ومع ذلك مصر على ممارستها .
دخلت دول الخليج مجتمعة عدن ، فمارسنا سياسة الفرز بين عينات اللون الواحد ، ليس لتباين واختلاف مصالح دول الحلف الواحد ، ولكن لتباين في نفوسنا ، واختلاف عقولنا ، وضيق أفقنا ، وإﻻ فالجامع الذين يجمع دول الخليج أكبر من عدن و الجنوب ، واليمن برمته .
لأننا لم نقتنع بأنتمائنا الوطني ، لم نعمل لأجل الوطن ، فقد استبدلنا الوطن بالمنطقة ، وتعامل معنا الأخر في ضوء هذا المفهوم الذي فرضناه ، ونستحي أن نظهره ، ونمارسه بطرق مبطنة .
فهم الأخر مرادنا ، وتعامل معنا كجماعات ، وقبائل ومناطق ، ولم يتعامل معنا كشعب رغم ترديدنا ليل نهار بأننا شعب وأصحاب قضية، .
أقنع اللاعبون المحليون أنفسهم بأن المملكة وحدوية ، والإمارات انفصالية ، وقطر إخوانية ، وردد الأتباع مع كبرائهم هذه المقولة وبدأ كل فريق يرتب أوراقة وفقا لهذه القناعات الخاطئة .
خسرت عدن كبوابة انطلق منها نصر التحالف ، وخسر الجنوب كبطل لهذا الانتصارات ، فكان الثمن بخسا ، لأن حيز عقليتنا محدود جدا ، ﻻتقبل التعامل مع أكثر من طرف ، بسبب ثقافة الفرز المستقرة في اللا شعور للعقل الجمعي للمجتمع الجنوبي ، ربما لضيق أنفسنا بعدم قبول بعضنا البعض ، وثقافة التمييز والمفاضلة بين مكونات المجتمع الواحد ، وثقافة حب الاستحواذ والإقصاء عند كل فصيل أو منطقة هي من تملي علينا في كل منعطف أن لايكون تعاملنا مع الآخر تعاملا سياسيا ، بل معاملة يغلب عليها الوﻻء المطلق تشبه إلى حد كبير وﻻء أتباع الطرق الصوفية لمشائخ الطرق ، فحين كان الجنوب دولة ترك فضاء الله الفسيح، واختار الاتحاد السوفيتي قبلة وحيدة له ، ووضع ساسة الجنوب حينها بيضهم كله في سلة موسكو ، فتهشم مع أول هزة ضربت أركان الكرملين .
زار الرئيس هادي قطر ، وكانت زيارة ناجحة بكل المقايس ، أسفرت عن ضمان العملة المحلية بعد ترنحاها في سوق المال ، وهذه منة تشكر عليها قطر ، بغض النظر عن أي حسابات سياسية لها ، فالسياسة تقوم على قاعدة المصالح وقطر كغيرها من الدول لها مصالحها التي تحددها سياستها كدولة ، فتعالت الأصوات بالتحذير من تدخل قطر ، وأن المشاريع التي ستقوم بها قطر تخدم الأخوان لتمكينهم من الحكم ، وأن قطر تريد توسيع نفوذها في عدن وغيرها من الأراجيف التي تنتجها العقول المأفونة ، هذه العقول التي كانت جزءا من كل الأنظمة السياسية التي مرت من هنا ، ولم يجن منها الشعب سوى الشعارات الفارغة ، والهث وراء أحلام السراب .
والحقيقة التي يجب علينا مواجهة أنفسنا بها ، أن قطر ليست دولة عظمى ، وأن الجنوب ليس دولة مستقلة ، وأن هناك مصالح معطلة يجب تفعل ، ومصالح يجب أن تنتزع قبل فوات الأوان ، فالفرصة ﻻتتكر ، ويجب علينا إنتزاع أكبر قدر من المصالح ، والاستفادة مما نقدمه من تضحيات ، فإذا كانت اليوم بلا ثمن فغدا ستصبح بمقابل ، لأن موسم البذر ليس هو نفسه موسم الحصاد .
سعيد النخعي
عدن 1/ فبراير / 2017 م