هل ستنجو حضرموت

2017/04/25 الساعة 12:33 صباحاً

 

*عبدالوهاب طواف . سفير سابق*

الحوثي في شمال الشمال والحراك في الجنوب ظلوا سنوات طويلة وهمهم وشغلهم الشاغل محاربة وتشويه وإضعاف الحكومات اليمنية المتعاقبة بكل الوسائل والأدوات السلمية منها والعسكرية؛ المشروعة منها وغير المشروعة، وساهموا بدفع البلد الى الهاوية، وغرس الحراك الجنوبي في عقول جيل كامل بالمحافظات الجنوبية أن الوحدة هي سبب كل مآسي اليمن وأقنعهم أن الشمال ماهو إلا منطقة يسكن بها ملايين السرق والنهابة، وأن الشمال نهب ثروات الجنوب وخيراته.

 بدوره الحوثي أستغل غياب الدولة عن مناطق شاسعة في صعدة ليعمل على تغذية عقول النشئ هناك بقصص وأساطير وفتن وطائفية بشكل لا يصدقه العقل؛ وأستغل أحداث 2011 وماتلاها من صراعات خفية على السلطة ليسيطر على الشمال وجزء من الجنوب.
وبذلك روج الحراك الجنوبي والحوثه وبدعم إيراني أنهم أفضل من على الساحة السياسية لحكم اليمن وإنقاذها من الفساد والفقر.

دارت الأيام وجاءت الفرصة للحراك الجنوبي لحكم الجنوب وجعله أنموذجاً ناجحاً في المنطقة، وأن يجعل من عدن عاصمة لكل اليمن، ويحول ميناء ومطار عدن قبلة العالم ونقطة إرتكاز للخليج ومحور لإستعادة اليمن وإنقاذ المنطقة برمتها من خطر المشروع الإيراني. كما أستطاع الحوثي فرض نفسه حاكم أوحد في الشمال وكانت فرصة له لتحويل شعاراته ووعوده الوردية إلى واقع وحقيقة في الشمال. 

للآسف كانت النتيجة مخيبة ومحزنة بل وصادمة للعالم؛ فالحراك الجنوبي عجز أن يتحول إلى سلطة حاكمة مسؤوله، وبقي يمارس سياسه عنصرية على الشمال ومناطق في الجنوب؛ وكانت النتيجة غياب تام للخدمات وفوضى ونهب وسلب لمقدرات الناس ونهب ومصادرة ممتلكات الناس في الجنوب، وبالتالي حول الحراك عدن إلى قرية نائية، وأهدر الإمكانيات البشرية والمادية الهائلة التي سخرها لهم التحالف وخصوصا الإمارات.

 النتيجة أن الحراك الجنوبي لم يستطع أن يحكم عدن أو حتى مطارها، وهجرها أهلها قبل ضيوفها؛ ودمروا سمعة عدن لسنوات طويلة، ولم يعد ينفعهم اليوم الرمي بعجزهم على الآخرين.

الحوثي بعد أن وصل الى صنعاء بشعارات ووعود كثيرة، إتخذ من الطائفية والسلالية منهجاً للحكم، وحكم بأدوات سلالية غير كفؤه وبدون مشروع؛ ولم يقدر أن يخرج من عباءة الجماعة والطائفة والسلالة والصرخة وقصص الآل والمناسبات  الجنائزية وفاطمة وقصص الفخذين والصدرين. النتيجة إدخال اليمن في حرب شاملة دمرت كل شيئ، وبعد أن وعد اليمنيين بالرفاه والنزاهة في الحكم؛ نهب مرتباتهم وصادر حرياتهم وكرامتهم ولم يوفر للشعب إلا مشرفين بجوع يعانق السماء وفقر تاريخي مزمن، لتتطور الحالة عنده ليفرض على الشعب التبرع له بالولد والمال والبقرة..!!

أستطاعت حضرموت أن تتعافى بسرعة من أثار الحرب وفتحت أرضها ومطارها لجميع أبناء اليمن، وأستطاع محافظها اللواء أحمد سعيد بن بريك البدء في عملية البناء للمحافظة بخطوات ثابتة وواضحة المعالم وبصورة هادئة وبدون ضجيج إعلامي، ورسمت حضرموت طريق خاص بها للمستقبل

 مأرب هي الأخرى صارت العاصمة الحقيقية لأبناء اليمن، وأستطاع محافظها الشيخ سلطان العرادة وفريقه من رسم ملامح الدولة وفتح مؤسسات الدولة هناك لكل أبناء الوطن وصارت حركة البناء والعمران والتنمية تتوسع بسرعة ويسر وسلاسة وبدون ضجيج إعلامي، وصارت مأرب قبلة أبناء اليمن من حكومة ومواطنين، وأكدت أنها ستمثل جزء من إقليم من اليمن الإتحادي وأن ثرواتها هي ملك لليمن، في حين أن الحوثي العنصري الطائفي يريد أن يحكم اليمن بثروات وخيرات مأرب وهو من يقصفها بالصورايخ البالستية ليل نهار.

العجيب أن الحراك الجنوبي  المنتمي الى الضالع ولحج هم من غرسوا الحقد في عقول ووجدان أبناء الجنوب ضد الشمال، وبالرغم أن مناطقهم فقيرة لا تمتلك شيئ هم من ينادوا بضرورة الإنفصال وتأسيس دولة خاصة بهم، لتأتي حضرموت صاحبة الثروة البشرية والنفطية لتحتضن الجميع وتعلن أنها ستكون إقليم وجزء من اليمن الإتحادي، وبالتالي ماهو خيار هؤلاء العنصريين والطائفيين الفقراء ( الحراك والحوثه) للمستقبل بعد ذهاب حضرموت ومأرب في نظام حكم إتحادي غير مركزي؟

الخلاصة الأقاليم قد تكون هي الحل.

كنت من أشد الناس معارضة لإقرار نظام الأقاليم في اليمن، وكانت وجهة نظري في أن الأنفصال أرحم وأضمن للشمال من تقسيم الشمال الى أربعة أقاليم؛ وخلال الفترة الماضية التي تلت التوقيع على مخرجات الحوار وعلى أثر المستجدات التي حدثت في اليمن، وصلت إلى قناعة بأن الأقاليم والنظام الإتحادي يمكن أن يكون هو الأنسب مع إعادة النظر في التقسيم والعدد.
اليوم نحن بحاحة لمنح أبناء حضرموت فرصة إدارة مناطقهم والنأي بأنفسهم عن أمراض الحوثي التاريخية وعبثه، وعن مناطقية وفوضى حكام عدن، كما لصنعاء حق حكم نفسها، وينطبق هذا على كل مناطق اليمن. 
صار هدف ومطلب المواطن اليوم هو العيش بأمن وأمان وسلم وسلام حتى في دولة بمساحة مدينة.
كفى حروب وصراعات على السلطة والثروة بشعارات دينية ومذهبية ومناطقية كاذبة وخادعة.