وما أدراك ما تعز !

2017/07/19 الساعة 01:35 مساءً
موسى المقطري تعز من بين جراحها تحييكم ... تعز جميلة كأنثى ، وقوية كرجل ، وحكيمة كشيخ كبير ، ومهما ارادت مليشيا الموت أن تلوثها ببارود قذائفها لا زالت فاتنة . بخلاف الكثير من مدن الجمهورية التي هجرها كثيرٌ من سكانها اصر التعزيون على البقاء… واصروا على المقاومة .. غابت عصافير الصباح عن النوافذ، لكنها لازالت تعود بين الفينة والأخرى لتغرد .. ولازالت تشتاق لنا ونشتاق لها ، ولازلنا نطرب حين يلامس شدوها أسماعنا . الطفلة التي اعتدتُ ان أراها في مدخل حارتنا لازالت تبتسم ، وحين يجن الليل الملبد بأصوات القذائف تحتضن عروستها وتنام . صديقي بائع الايسكريم لم أعد اراه صباحا ، علمت انه التحق بجبهات المقاومة ، وعلمت مؤخراً أنه اصبح يضرب به المثل في الشجاعة والاقدام . في سوق المركزي المشاقر لازالت متوفرة، وخبز الذرة ، والسمن البلدي ، وبائعة اللحوح تأتي مع اشراقة كل شمس مبتسمة ، ومن يصنع "الخبز الطاوة" يغني لتعز كل صباح ، وصوت ايوب وهو يغني لـ "حاملات الشريم" لازال مسموعاً في المدينة .. تعز تقاوم الظلم ، والفناء ، والتركيع ، والفوضى ، وتلهث مشتاقة وراء الدولة بمعناها الاشمل والأعدل ، وتودع شهدائها مبتسمة ، وتلعن القاتل صباح مساء ، والمساجد كعادتها تفرح بالمصلين . بين ركام المباني المهدمة بفعل القصف ثمة أقلام كثيرة ملونة بلون الارض والاشجار والسماء، وكتب متنوعة، واحلام مدفونة ، وسر الاستمرار والبقاء يشعُّ معلنا حضوره الذي يطغى على صوت الجراح ، ويتجاوز امتدادات الادراك البشري ، ويسجل حضوره في فضاءات الكون . تعز رغم جراحها بخير وعافية ، مادمنا نقاوم فنحن بخير .. تعز تسأل عن احوالكم ؟