"
موسى المقطري
لا يمر الحديث عن تعز إلا ويكون أحد تفاصيله مستشفى الروضة الذي حفر لنفسه حيزاً في عقول وأذهان التعزيين ، وعامة اليمنيين في جهات الوطن الأربع .
في تعز بادرت أغلب المستشفيات الخاصة والحكومية إلى تحمل مسؤلياتها تجاه ما يحصل في المدينة ، واستقبلت الاصابات بأنواعها ، وسطر الكادر الصحي ملاحم لا تقل عن ملاحم المرابطين على خطوط النار ، وكان نموذجا متميزاً ماقدمته مستشفى الروضة من حيث الاستمرار والديمومة ، والتميُّز في الخدمة في ظل الظروف الصعبة .
الروضة أكبر من مستشفى ، وأعظم من مؤسسة تداوي المصاب وتواسي الموجوع ، وأجمل من لوحة إنسانية على جدار الزمن ، وقبل هذا وذاك هي قصة صمود بلون فريد ، وحكايةٌ يقاتل أبطالها بشراسة متسلحين بالمشارط والضمادات ، وبالعزيمة التي تصنع المستحيل .
منذ العام 2011م يمم المصابون وجوههم نحو مستشفى الروضة ، ولازالوا حتى لحظة كتابة هذه الحروف يتوافدون على هذا الصرح ، ولازال طاقم العظماء في مستشفى الروضة يعينونهم على التشبث بالحياة في مواجهة مليشيا الموت ، ولازالت شمعة الامل توقد في ردهات المستشفى لتصنع فجراً جديداً .
في تاريخ الشعوب وتراث الأمم هناك اشخاص أومنظمات صنعت فرقا ، وأحدثت تغييراً ذا وزن في مجريات الأحداث ، فخلَّد الزمن هذا الفرق ، وخلَّد صانعوه ، وأصبح تاريخاً تتدارسه الأجيال ، ويحكيه الأباء لأبنائهم بفخر ، وهذا الفرق صنعته ولازالت تصنعه مستشفى الروضة بتعز ، وسنحكيه لابنائنا بفخر .
سيكتب التاريخ بإعجاب قصة مؤسسة صحية رائدة تحولت من كيان ربحي إلى كيان أكثر من خدمي في زمن تخلت مؤسسات خدمية في الأصل عن خدماتها، وغابت الدولة بمعناها الخدمي ، وتخلى أغلب المسؤلين عن دورهم ، ولا حجة لمن تخلف أو تخلى .
تعظيم سلام للروضة كمستشفى ، وللروضة كمؤسسة انسانية ، ولطاقم الروضة الذي أبدع في إحداث تغييرا .. ولازال .
دمتم سالمين .