----------------------------
ربما يكون هذا العنوان مستفزاً إلى حد ما للذين يعيشون في دعة هناك في الرياض، يستمتعون عن بعد بإدارة السعودية والإمارات للعمليات العسكرية في اليمن بأدواتهما وأذرعهما الخاصة، ويفرضون الخيارات التي تتلائم مع هدفيهما في الحرب، وأصحابنا أياهم يتلفعون برداء الشرعية الذي يعتقدون أن لا حل ولا عقد إلا به، وكأنهم لا يدركون أن الوقائع على الأرض هي من ترسم وتؤسس للنتائج النهائية للحرب.
بوسعي أن أقول أن الجبهة المسيطر عليها عسكرياً ومنضبطة إلى حد ما هي جبهة مأرب لأن الشرعية في هذه الجبهة ركزت على تأسيس جيش منظم وأن أخذ تأسيسه وقتاً ولازال بطيء الحركة إلا أنه النواه الحقيقية للجيش اليمني القادم وهذا يحسب لنائب الرئيس الفريق الأحمر. أما الجنوب من المهرة إلى المندب فهو يعج بالمليشيات.. نعم المليشيات، فالأحزمة الأمنية والنخب القبلية هي مليشيات إماراتية، وقوات الأمن في عدن هي مليشيات مناطقية، وفي هذا الخضم تشكل قوات الحماية الرئاسية ومكافحة الإرهاب نواه لقوه عسكرية لم تتبلور بعد بشكلها النهائي لأسباب أهما أن تعدد مراكز القيادة تتنازعها، أضافة إلى ضعف الأداء السياسي المسير لها.
في عدن يبذل رئيس الوزراء دولة الدكتور بن دغر جهوداً جبارة في الجانب المدني، لكن ماذا ينفع ذلك في مدينة تقطع أوصالها الولاءات، ولا يربط بين المكونات العسكرية والمليشاوية فيها إلا الإستعداد لساعة الصفر للإنقضاض على الآخر.
تعز لا تختلف عن عدن كأنه لا يكفيها حصار وضرب الحوثي عفاش لها، بل تنهشها المليشيات من كل حدب وصوب.
في الرياض يصارع الرئيس هادي جنرالات التحالف الذين أقروا قبل فترة خطة لإخراج قوات الحماية الرئاسية من عدن بعد أن رفعت تقارير مزيفة للجانب السعودي حول هذه القوات وأنها تتحضر للإنقلاب على التحالف في عدن، وبعد أستدعاء قادة الوية الحماية إلى الرياض ووصولهم هناك تم تشكيل لجنه ثلاثيه من الإمارات والسعودية واليمن، وطرح الإماراتيون أن هذه القوات المكونة من 156000 فرد هي خطر على التحالف ويجب أن تتحرك لتحرير تعز، طبعاً الرقم مبالغ فيه، السعوديون كانوا لا يفهموا تفاصيل الوضع على الأرض وكانوا يصدقون الإماراتيين، لكن الرئيس قال للجنة نحن جاهزين لتحريك هذه القوات لتحرير تعز لكن يجب تجهيزها أولاً وفي معسكراتها الحالية بكل الأسلحة المطلوبة للمعركة من الرصاصة إلى الدبابة، رفض الإماراتيون وكانت الخطة خدعة من قبلهم لتصفية عدن من كل القوات التي ليست على هواهم ليصفى الجو لحزام هاني بن بريك ومليشيات المحافظ السابق ومدير الأمن. لست بحاجة أن أورد التفاصيل كاملة مع خطط إعادة الإنتشار خارج عدن، ووقف المرتبات بعد رفض الرئيس، وعمليات الإبتزاز والتهديد التي تمت بعد ذلك فربما نتطرق له في وقت لاحق.
كان لدى الرئيس نقطتي قوه هائلة تتمثل في تأمين أبين وشبوه وإعادة بناء القوات العسكرية والأمنية فيهما وقد رُفعت مقترحات كثيره بهذا الخصوص، لأن هذا الأمر لو تم سيحبط كل مخططات السيطرة على عدن والمكلا وسيكون الرئيس المتحكم الأول في القرار السياسي والعسكري، ولن يكون ضعيفاً أمام الضغط الإماراتي والسعودي المحابي للإمارات، لكن هادي يفتقر لإدارة سياسية فعالة ومرنه، وعينه على عدن وهذا مهم لكن السيطرة على شبوه وأبين هو ما سيفشل كل المخططات للسيطرة على عدن، لأن عدن وأن تم السيطرة عليها لايمكن أن تشكل مع المثلث دولة لحالها بدون باقي المحافظات، ناهيكم أن الجنوب لازال جزء من الجمهورية اليمنية وفصله سياسياً يكاد يكون من المستحيل في هذه اللحظة، ولكن يجب تعزيز هذا المكسب السياسي بسيطرة عسكرية على الأرض.
الشرعية هي جدار اليمنيون الأخير قبل أن يقعوا في قبضة الإنقلابيين في صنعاء وعدن وتدخل البلاد في سلسلة من الحروب المتسلسلة المحلية الخطيرة في صوملة أخطر وأقسى وأنكى من الصومال نفسه. جدار الشرعية تهاوى بشكل كبير في الجنوب ويكاد يسقط في تعز أما صنعاء والمحافظات العليا فقد سقطت مع الساعات الأولى للإنقلاب.. لابد من صحوة ضمير حقيقية تؤدي إلى تغيير المساقات والمسارات السياسية الحالية بخطابها الموحش وهياكلها المتكلسة، وتغيير التكتيك وإدارة الإستراتيجيا العسكرية، وذلك ما سيدفع التحالف لإعادة بناء شراكته مع الشرعية بشكل سليم.
#صالح_الجبواني