آ
إليك أكتب أيها الإنسان المشرد في وطنه ، أكتب إليك وأنت تطوى سنين آ عمرك متنقلا بين الجوع والخوف والمرض ؛ لاتملك من ماضيك ولا حاضرك آ سوى بقايا أحلام ممزقة ؛ كلما حاولت الاقتراب منها ابتعدت ؛ وكلما حاولت الدنو منها آ نأت بنفسها هاربة إلى غياهب المجهول ، في رحلة مضنية شاقة غريبة ؛ يسابق فيها الإنسان أحلامه فلاهي انتظرته ، ولا هو أدركها .
إليك أكتب دون غيرك ؛ يامن آ مضى الزمان والإنسان وخلفك وراء ظهره ؛ تاركا أياك فريسة للجوع ، والفقر، والمرض، لاتلوي على شيئ سوى أحلام بدائية حصلت عليها الحيوانات في حظائرها ولم تحصل عليها أنت آ في وطنك .آ
المأكل ، آ والمشرب ، والعلاج ، والتعليم حقوق لم تعد هما، ولا مطلبا في عالم اليوم آ ، فقد أشبعت هذه الحاجات آ ولم يعد السؤال عنها آ اليوم مقبولا ولا معقولا ، فقد قطع آ الإنسان مسافات طويلة في إشباع حاجاته آ الأولية آ حتى وصل إلى مرحلة الترف .
لم يعد وضع اللامعقول واللامقبول قائما في أي مكان من العالم آ إلا في اليمن ، فالجوع ، والمرض ، والخوف آ أبرز آ معالم اليمن السعيد !
ظللت آ المجاعة الخارطة الجغرافية لليمن ، والتهم الفقر كل ما ادخره الإنسان من مال ومتاع خلال صراعه آ الطويل من أجل البقاء ؛ حتى لم يبق أمامه آ سوى بيع متاع بيته آ لعله يدفع بثمنه آ الزهيد شبح الموت عن نفسه وأولاده آ .
عجزت الشرعية آ في عدن ، وعجز الانقلابيون آ في صنعاء ، عن دفع مرتبات الموظفين مدنيين وعسكريين ... آ وقفت الأولى عاجزة لاحول لها ولا قوة ، والأخرى مشغولة بمعركتها الكونية آ التي تخوضها عن الأمة ، فالمرتبات ليست أولوية مهمة بالنسبة لها كأولوية القضاء على أمريكا وإسرائيل ، وبين آ الطرفين آ يقف حملة المباخر من بقية الأحزاب والقوى السياسية التي وجدت في الصراع سوقا حرك بضاعتها المزجاة ، فجنت أمولا طائلة نقلت أصحابها آ من حياة التشرد والتسكع إلى حياة الأبهة والترف كما يفعل آ أصحاب مشروع آ استعادة الدولة جنوبا ، ومشروع الحسم ودخول صنعاء شمالا ، ولأنهم جميعا لايستحون آ لايزال كل منهم آ مصرا إنه هو الأجدر بالحكم ، وهو الأولى بالسلطة ، في حين يصيح المواطن بأعلى صوته من يدفع راتبي هو الأولى والأجدر ، من يفتح أبواب المستشفيات لاستقبال المرضى هو الأولى والأجدر ، من يوفر الأمن للناس هو الأولى الأجدر ، وماعدى ذلك شعارات وأكاذيب شبعت منها حتى التخمة آ .
حضرت دول الخليج بجيوشها وغابت ملياراتها ، وكان أولى أن تحضر الأخرى ، وتغيب الأولى ، حضرت شعارات إيران الثورية المتطرفة التي لم تدفع شبح الفقر عن شعبها ، واغلقت كل أبوابها إلا باب الشعارات والموت لايزال مفتوحا .
أغلق العالم أبوابه دون اليمنيين ، وتركهم فريسة لصراع مشاريع اللاعودة ، فلاهادي سيعود حاكما لليمن من صنعاء ، ولا جماعة مارقة مغامرة صغيرة آ ستحكم اليمن ، ولا عفاش سيأخذ زمنه وزمن غيره .
آ سيستمر آ صراع اللامعقول واللا مقبول ، يتخذ من الأطراف المحلية آ أدوات له ، ومن اليمن ساحة ، واليمنيين وقودا ، وسينتهي هذا الصراع باتفاق الأطراف الأقليمية دون رأي أطرافها المحلية آ ، كما بدأ باختلاف آ أطرافها الأقليمية دون الرجوع لأدواتها المحلية .
آ آ آ آ آ آ آ آ آ آ سعيد النخعيآ
آ آ آ آ آ آ عدن 27/ أغسطس / 2017م