------------------------------------
سالم الفراص
--------------------------------------
معذرة وطني إذا ما جاهرتك بما يحمله صدري عليك من انتقاد ولوم وعدم رضا كامل عليك، كونك لم تكن صادقاً وصريحاً وواضحاً معي، عندما كُنت أهتف باسمك متحدياً السجن والسجان.
وعندما كنت أفخر بتضحيات من يسقطون شهداء عند اقدامك، واصنع من آلام من يعانون بسبب عشقهم لك أغاني أرددها سراً وجهراً فيك، وأحرض أمي وأختي وزوجتي على ان يرفعن اصواتهن بالزغاريد إذا ما اصابني مكروه.
ـ جُعت .. حُرمت .. طوردت .. بكيت .. فيك ومن أجلك.
ـ كبرت .. شِبت .. هرمت .. مرت سنوات العمر، لم اسمح لثقتي أن تهتز فيك، كابرت .. تحديت .. رفضت .. صرخت .. ذويت.
ـ وعلى الرغم من بعدك، هجرك، تنكرك لي.
ـ وعلى الرغم من اعراضك عني ..
ـ وعلى الرغم من قبولك بأقل القليل مما هو لك.
ـ وعلى الرغم من عدم استعدادك لأن تتغير، تتبدل، دون أن تغير أو تبدل.
ـ وعلى الرغم من غيابك وصمتك، وهشاشة حضورك..
ـ لم أرض أن ابدل بدلاً عنك .. عن اسمك .. هويتك .. ماضيك .. وحاضرك.
ـ ولحبي لك قلت ابقى فيك، واعمل على ألاّ أفارقك وألاّ أضحي بشيء منك .. فاستبقت الوقت والمكان والزمان، وانجبت اطفالاً، وبنيت أسرة على الكفاف .. لأبقيك وأبقى فيك.
ـ لم أهرب .. أو أغرب .. فضلت أن أواجه قدري فيك وهأنا اقضي آخر أيام عمري فرحاً لأني سأدفن فيك مع أبي وأمي وإخوتي .. ورفاقي وكل أحبتي وأبناء وطني.
ـ سأرحل وفي قلبي شيء من (حتى) عليك.
ـ لكني سأكون - وقد كنتُ - ممتناً لك طالما مازلت تقبل ان يتنفس فيك نسلي .. نسلي الذي وإن كنت سأفارقهم وبينهم وبين بر الأمان، مسافات طوال.
..........
وعذراً عذراً منكم أهلي .. عذراً منك أخي عثمان في صنعاء .. عذراً أخي عادل وأختيّ رملة، ورقيبة في الحديدة، عذراً أولاد أختي منى في عدن، عذراً عماتي، اخوالي، أهلي في قرى القبيطة .. عذراً منكم مجتمعين.. إذا لم تتسن لي الفرصة لزيارتكم ومعايدتكم، فكم أنا حزين لتباعدنا، وكم أنا مكدود النفس، مهدود الحيل بدون الامتلاء من حضوركم، والاستماع لكم، والابتسام في وجوهكم.
عذراً أبي وأمي، وإخواني إذا لم استطع - كما كنت أفعل من قبل - زيارة قبوركم والترويح عن نفسي بالجلوس دقائق إلى جانب اضرحتكم.
وعذراً منكم أحبائي في كل مدن وقرى وطني،..عذرا منكم أبناء وطني اينما كنتم، وكيفما كنتم، إذ اتوارى عنكم بعض الوقت مكتفيا ً بالقول لكم: كل عام وانتم والوطن بألف ألف خير.