موسى المقطري
لست مبالغاً إن ذهبتُ إلى وصف ماحدث في 21 سبتمبر 2014م بالنكبة مكتملة الأركان ، وما يؤيد مذهبي هذا هو تتالي المحن التي غرقنا فيها بعد ذلك اليوم المشؤم .
يومها وصفها الاستاذ محمد قحطان فك الله أسره بالانتفاشة ، وهي بالفعل كذلك ففيها "نفشت غنم القوم" فأكلت الأخضر واليابس وتركت الأرض بعدها "يبابا" والماء "غَورا" والحليم حيران .
كان لدينا وطناً أمناً مستقراً وجيشاً ومعسكرات وتعليم وصحة وخدمات ، وإن كانت بالحد الأدني لكنها موجودة ، وقابلة للتحسين ، وكنَّا نجني أول ثمار ثورة فبراير فتخلصنا من فكرة انحصار السلطة في أسرة ، أو سلالة ، وبدأنا في إصلاح أجهزة الدولة وتحريرها من الفاسدين ، واستمرينا لأشهر نتحاور كشعب واحد لتحقيق العدالة والشراكة في السلطة والثروة ، فجاء يوم 21 سبتمبر فتوزع بعده المنتفشون على أرجاء الوطن ، يفسدون ولا يصلحون ، لا يشبهم شئ إلا ما نجده وصفاً لقوم "ياجوج وماجوج" .
عاث منتفشوا 21 سبتمبر فساداً في البلاد عرضاً وطولاً، قتلوا وفجروا وشردوا ونهبوا وأشعلوا الحرائق في الأرجاء ، وبجهودهم المشؤمة انتشرت رائحة الموت ، وتفجرت أنهار الدم، وساد الرعب وحضر الظلم بأشكاله ، وماهي إلا أشهر حتى ظهر من جديد الثلاثي المرعب الذي كافح الأباء والأجداد للخلاص منه .
نهب المنتفشون البنك والإيرادات والمؤسسات فتوقفت رواتب موظفي الخدمة العامة ، وأغلقت المدارس والجامعات ابوابها ليعود الجهل شاهراً سيفه متمنطقاً صرختة ، وتوقفت مخصصات الصحة ورواتب العاملين في المستشفيات والمرافق الصحية فعادت الأمراض والأوبئة سالبة حياة وراحة وهدوء الناس ، وتوقفت الأعمال ومصادر الدخل فأطل الفقر ناشراً بؤسه وضنكه ومعاناته .
لم يكتفي المنتفشون بإسقاط الدولة –وهي كيان مقدس لا ينبغي اسقاطه– لكنهم ذهبوا أبعد من ذلك فنهبوا المعسكرات ، وهاجموا المدن ، وفتحوا السجون والمعتقلات ، وشردوا وقتلوا واختطفوا من يختلف معهم ، وأضحى البلد كله سجن كبير عم فيه العقاب لعامة الشعب ، ووصلت البلوى لكل بيت ، وأكلت نار الانتفاشة "الحرث والنسل" .
جنينا كل هذا البؤس ، ومسنا كل هذا الضُر ، وما من أحدٍ في جنبات الوطن الأربع إلا وأثرت سلبا في حياته هذه الانتفاشة ، ولفحته نار المنتفشين ، فماذا من العدل ان نصف ماحدث يوم 21 سبتمبر الإ بالنكبة ؟
نعم ..
هي نكبة بكل المقاييس ، ولم تمر علينا في عصرنا الحاضر مثلها ، وهانحن نجني ثمارها المُرة عاجلاً غير آجل ، ومع ثقتي أنه أوشك نجمها المعتم على الأفول إلا أننا سنظل لعقود نعاني من أثارها على كافة المستويات ، وفي مختلف الأصعدة ، وفي المجمل فقد تركت نكبة 21 سبتمبر وطناً مدمراً ، وشعباً مسحوقاً ، ويمن جريح أرضاً وقيماً وإنساناً .
دمتم سالمين .