يوم ( 14 ) أكتوبر المجيد والطريق إلى الاستقلال (7)

2017/10/14 الساعة 12:23 صباحاً


الحلقة الذهبية 
د كمال البعداني 
ما أن  سمع الشيخ الوطني  راجح بن غالب لبوزة  بقيام  ثورة ( 26 سبتمبر ) في شمال الوطن حتى قرر أن يتجه مع اصحابه إلى الشمال لدعم الثورة الوليدة .  لادراكه  أن الجنوب لا يمكن أن يتحرر من الاستعمار  مالم يتغير الوضع في الشمال .. انطلق لبوزة من  مسقط رأسه في وادي ( دبسان ) بمنطقة ردفان  ووصل إلى منطقة ( ذي ردم )  وهناك شرح للقبائل أهمية الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر  ومن أجل التفرغ لذلك  عقد صلح بين القبائل المتقاتلة هناك   ولا سيما  قبيلتا  ( الداعري والمحلاتي ) وكان الصلح لمدة عام . انطلق  بعدها ومعه أكثر من ( 150 ) من أبناء ردفان  إلى شمال الوطن  مرورا بقعطبة ومدينة إب ووصولا إلى الحديدة  وهناك  تم تجهيزهم وتزويدهم بالاسلحة  وكان معهم . الشهيد المناضل  المقدم.  أحمد الكبسي قائد لواء  إب  الذي لعب دورا محوريا في دعم ثوار الجنوب عن طريق مدينة قعطبة. ثم كان التوجه إلى   عبس والمحابشة وكان في استقبالهم  قائد القوات المصرية هناك .. توزعوا للقتال ضد الإمامة في أكثر من منطقة  ومنها ( المفتاح ) استشهد من رفاق لبوزة العشرات في تلك المواجهة  كما ذكر ذلك الأستاذ  (محمد عباس ناجي الضالعي ) في كتابه  (حقائق جديدة عن الانطلاقة الأولى لثورة 14 اكتوبر ) . بعد ستة أشهر من القتال في صفوف الثورة  طلب (لبوزة ) من القائد أحمد الكبسي  التواصل مع الرئيس السلال وترتيب لقاء معه  وقد كان اللقاء في صنعاء مع السلال بحضور .(  قحطان الشعبي )  ومحمد علي الصاماتي  وعبد الحميد بن ناجي وغيرهم.. وقد كان  الاتفاق على تفجير الثورة في الجنوب من دون تحديد موعد لها   ووجه السلال بتزويدهم بالاسلحة الخفيفة مع الذخيرة والقنابل وتوجه بعدها لبوزة مع رفاقه إلى ردفان عن طريق إب مرورا بقعطبة والضالع... سلطات الاحتلال في الجنوب كانت قد لاحظت  تدفق المئات من أبناء الجنوب إلى الشمال  للقتال في صفوف الثورة فاصدرت قوانين   عن طريق حكومة الاتحاد  ( اتحاد الجنوب العربي )  تفرض عقوبات على من يقاتل من أبناء  الجنوب  في صفوف الجمهورية في الشمال  وما أن علم الضابط السياسي البريطاني  المرابط في الحبيلين  بعودة لبوزة ورفاقة  حتى ارسل لهم رسالة بإسمه وبإسم حكومة الاتحاد  طالبا منهم الوصول إليه مع الأسلحة التي جلبوها معهم  وغرامة ( 500 ) شلن عن كل شخص مع تعهد وضمانة بعدم العودة للقتال في الشمال  مالم فسوف يكون العقاب  . وقد وقع على الرسالة  . إلى جانب الضابط البريطاني . النائب محمد حسن علي نائب المشيخة في ردفان.. وعندما استلم لبوزة الرسالة  اجتمع مع اصحابة  ورفاقة وخاصة الذين قاتلوا معه في الشمال واتفق الجميع على أن يكون الرد في الرسالة التالية ( حضرة الضابط السياسي في الحبيلين  والنائب محمد حسن  نائب مشيخة القطيبي  . لقد استلمنا رسالتكم الموجهة إلينا بخصوص  عودتنا من الجمهورية العربية اليمنية  وقد هددتمونا بإسمكم  وبإسم ما قلتم أنها حكومتنا  ( حكومة الجنوب العربي )  ونحب أن نقول لكم أننا لا نعترف بكم ولا بحكومة جنوبكم العربي  وان حكومتنا هي حكومة الجمهورية  في صنعاء  ونحن غير مستعدين لكل ما في رسالتكم  ونحذركم من الاقتراب من حدودنا والذي يعتبر من الجبهة فما فوق .. التوقيع. عن مجموعة العائدين راجح بن غالب لبوزة  28 سبتمبر 1963م ))  وقد أورد هذه الرسائل المتبادلة  كل من الضالعي في المصدر السابق. . وسالم حلبوب  في كتابه  عبد الناصر وثورة الجنوب.  وكتاب الندوة الوطنية التوثيقية للثورة اليمنية 14 اكتوبر  .. كما نشرت رسالة لبوزة  صحيفة فتاة الجزيرة التي كانت تصدر في عدن . حمل هذه الرسالة إلى الحبيلين المناضل قاسم شايف  وقد ارفق لبوزة. . طلقة رصاص  ( زاكي كرام )  داخل الظرف ... جن جنون الإنجليز  على هذا التحدي  وتحرك الف جندي من  جيش اتحاد ( الجنوب العربي )  تدعمهم الأسلحة البريطانية الحديثة والطائرات  تحركوا صوب ردفان  وهناك دارة معارك ضارية غير متكافئة  تمكن لبوزة ورفاقة من وقف تقدم الجيش إلا أن الطيران والمدفعية كان لها دور كبير في حسم المعركة  واستشهد لبوزة بشظية مدفع في يوم 14 اكتوبر 1963م عن عمر 46 عام ... رحم الله القائد البطل راجح بن غالب لبوزة مفجر ثورة أكتوبر .. ولعل من سخرية الأقدار ومن المضحك المبكي أن البعض من الذين سيقيمون المهرجانات يوم غدا في عدن بذكرى اكتوبر  ومفجرها راجح لبوزة سوف  يرفعون  في مهرجناتهم وخطبهم  شعار القاتل للبوزة  وليس شعار الشهيد لبوزة  . شعار بريطانيا  واتحاد الجنوب العربي  والذي استشهد لبوزة  مفجر ثورة أكتوبر على يدهم وفي مواجهتهم  ... عذرا لبوزة .   فالدرهم والدولار قد يغير ويزيف التأريخ في مهرجان هنا أو هناك  ولكنه لن يستطيع تغيير الحقائق والمبادئ التي استشهدتم من أجلها .. عذرا لبوزة  فأنت ليس اسم يردد ويتاجر به في ساحتي  المعلا  والعروض بمدينة عدن الحبيبة  بل انت ثورة ومبادئ ورمز  في قلب كل حر على امتداد  وطننا اليمني الكبير  .. عذرا  لبوزة من حسن حظكم إنكم  عاصرتم الزعيم ( قحطان ) و المشير ( السلال )  ومن سوء حظنا أننا عاصرنا الإماراتي  ( عيدروس ) والمهفوف   ( شلال ) .... نلتقي غدا إن شاء الله ..#كمال_البعداني