شرعية إصلاح الحال

2017/11/14 الساعة 10:46 صباحاً


وصلت المعاناة في المناطق المحررة فوق مستوى الاحتمال , ما يجري اليوم لا علاقة له بالسياسة , ركنوا السياسة وأدواتها خارج الملعب , ليتصدر المشهد أدوات المدياسة ,هي اليوم الفاعل , زوابع من المماحكة والمناكفة ,عطلت مجرى الحياة الطبيعية , لتصنع فوضى تسببت في معانات و وأجاع للناس ,الناس تبحث عن لقمة العيش و كرامة و حياة كسائر خلق الله على هذه الأرض , وفي ابسطها كحقوق الحيوان في بلد يعرف الإنسانية لكل كائن حي يرزق , يعرف أهمية الحشرة في التوازن البيئي للكون , ونحن لم ندرك أهمية التوازن والتنوع الفكري والسياسي والثقافي , السؤال المهم اليوم متى يصلح حال هذا البلد ؟
لن يصلح حال هذا البلد دون وعي مؤمن بالإصلاح الحقيقي , عندما نبتعد عن المزايدة على بعضنا البعض , ويعلم المزايدون انه مثل ما تدين تدان , وليس في مقدورهم إصلاح الحال دون الشراكة والتعاون المشترك , والاعتراف الضمني  بوطن يستوعب الجميع , وعلى الجميع أن يشدوا سواعدهم للبناء  كلا في مجال تخصصه , وان للسياسة سياسيين , وللهندسة مهندسين , وللطب أطباء , وللأرض مزارعين , ولكل عمل متخصص , وهناك قانون ينظم إيقاع الإدارة والوظيفة , وللحماية جنود مؤهلين مسئوليتهم حماية النظام والقانون وتطبيقه على الكبير قبل الصغير , وتنفيذ أحكام عادلة لقضاء مستقل يخجل أن يمارس الفساد والابتزاز في مجتمع ثقافته عالية ترفض هكذا سلوك وتمقته وتبصق في وجه كل من يمارسه .
لن يصلح الحال دون أن يعلم المخربون في الوطن أنهم اعجز ما يكونوا قادرين على تخريب وطن والوقوف في وجه حلم شعب وطموح أمه لإعاقة عجلة التغيير والتحول لنكن أمه كسائر الأمم نلحق بتطورات العصر . 
ليعلم الكل أن محاربة الفساد والإرهاب , ليست وسيلة و شعار للاستثمار سياسي , ولا هي فرصة لاجتثاث الأخر, أو فوضى وصراخ وعويل وزوابع شتم واتهام جزافا ومناكفة وسجال مثير للاشمئزاز ,هو هدف وطني وغاية إنسانية وفكر تنويري وثقافة راقية وعلم وتعليم وفن ومسرح ومجتمع مزدهر ثقافيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا , تتبناه مؤسسات دولة ,لن ينهض وطن والكل يتجاذبه نحو مشروعه  , ويدعي انه صاحب الحق هو مالك الحل والبقية هم المشكلة .
علماء السياسة والاجتماع يضعون تحذيرا هام علينا أن نستوعبه جيدا , خراب الأوطان هي المليشيات المنفلتة تسيرها أجندات مختلفة ,  تبنى الأوطان بمؤسساتها تحت راية دولة واحدة وعادلة وضامنة للمواطنة والحريات , الديمقراطية هي مبدئها وثقافة عامة , والحقائق متاحة في أجواء صحية لا يستطيع فيها الكذب أن يدس في جرع وطنية , ولا يستطيع المنافقون الاستمرار في نفاقهم ترفضهم ثقافة المجتمع وسلوكه .
اليوم ينتابني إحساس وأتمنى أن أكون صادقا في إحساسي , أن شدة المعانات هي القادرة على إيجاد المخرج والخلاص , وان الوعي تولد من رحم تلك المعاناة , وتولدت معه قناعات دولة خيرا من لا دولة , ولاء للشرعية خيرا من تعدد الولاءات دون شرعية .
الاهتمام القائم اليوم بإصلاح كيان الشرعية والدفع بها لتكون هي  السلطة الفعلية والمسئولة أمام الله والناس والمجتمع الدولي والإقليم  في الانتصار لقضايانا المصيرية وإخراج البلد من هذا النفق المظلم بما يرضي كل الأطراف , شرعية تكون عند مستوى التحدي ,ترمم كيانها وتبني مؤسساتها بمستوى المسئولية الوطنية , وتعيد حساباتها في تفعيل المكونات السياسية  لواقع اليوم على أساس الشراكة السياسية للجميع بكل أطيافهم وألوانهم وأيدلوجياتهم , وتفعيل المجتمع المدني , والتخلص التدريجي من عسكرة واقع المؤسسات والخدمات والحياة العامة الاقتصادية والاجتماعية , لتقتصر العسكرة على الحماية والدفاع والمقاومة في الجبهات تحت راية هذه الشرعية بجيش وطني ولاءه لله ثم الوطن .
تفعيل المؤسسات الخدمية والاقتصادية لتحسين الإيراد ليصب في خزانة الدولة , وتفعيل دور المؤسسات الرقابية والمحاسبة والقضاء والنيابة , لتبدأ الدولة تحاسب وتعاقب كل من تسول له نفسه في العبث بالمال العام والواقع العام وفق النظام والقانون بعيدا عن المناكفة السياسية والمهاترات التي ضاع في زوابعها الحق والمستحق .
لنبني وطن ومؤسسات ونصلح الساحة السياسية لانتخابات واستفتاء شعبي هو صاحب الحق في تقرير المصير بعيدا عن الحشد والحشد المضاد ومزيدا من تمزيق الحال والمجتمع وتوسيع الشروخ الوطنية والاجتماعي وسماع أصوات الجهلة والمتخلفين لبث سموم الفرقة والطائفية والمناطقية وتجريف الساحة السياسية من أدوات تنميتها بغباء منقطع النظير , وربنا يوفق الجميع لما فيه خير الصالح العام والوطن والأمة . 
احمد ناصر حميدان