بين سفر «بن دغر» .. وتقصير الأمن في «عدن» ..!!

2017/12/01 الساعة 07:38 مساءً

 

بقلم: فاروق الصيري

تتعاظم الفجوة وحالة الفراع الكبيرة التي خلفها سفر دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر - رئيس مجلس الوزراء - عن العاصمة المؤقتة «عدن» - يوماً بعد يوم .. ومع تعاظمها وتزايد الأخطار الناجمة عنها - تتراءى بل وتتجلى للناس وللعالم بما فيهم اولئك المشككين والحاقدين والمرضى حقيقة أهمية هذا الرجل ومكانته، وطبيعة الدور والمهام الجليلة والعظيمة التي قام ولا يزال يقوم بها، في سبيل خدمة هذه المدينة وابناءها، والتي بلا شك تجعل منه القائد والحامي والحارس والأب الروحي والدرع الصلب لـ«عدن» المدينة وابناءها وكل اهلها، ولجميع المحافظات والمدن الجنوبية والمحررة، وللجمهورية اليمنية بشكل عام.

بفضل حنكة وحكمة وخبرة وتجربة ودهاء هذا الرجل انتقلت «عدن» من حالة العبث والفوضى بعد ان دمرها الانقلابيون وقضوا على كل مقومات العيش والبقاء فيها وحولوها الى ما يشبه «غابة وحوش» - الى حالة الإستقرار والمدنية والحياة الطبيعية والتعايش الخلاق، وذلك في وقت قياسي ووجيز .. واستطاع ان يحقق ما كان يبدو للآخرين مستحيلاً.

كرس دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر - كل جهده ووقته وسخر كل امكانياته في سبيل خدمة هذه المدينة التي صارت اليوم العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية، وتطبيع الحياة فيها .. فعمل منذ اليوم الاول لتوليه مهام رئاسة الحكومة على استئصال مظاهر الفوضى والعبث الذي كانت تمارسه المليشيات المسلحة في المدينة، وركز في الدرجة الاولى على تثبيت دعائم الامن والاستقرار فيها .. وذلك ايمانا منه بأن الامن يمثل الحجر الاساس والنواة الأولى للإستقرار والتعايش .. وبالفعل تمكن من ذلك كله، وخلال وقت وجيز استعادت «عدن» انفاسها وعادت الحياة فيها الى طبيعتها.

وبعد أن صارت «عدن» آمنه واوضاعها مستقرة باشر «بن دغر» خطوته الثانية والتي تمثلت في اصلاح وترميم مشاريع البنية التحتية والخدمات الاجتماعية والتي كانت الكهرباء في مقدمتها، ثم المياة، والطرقات، وخدمات الصحة والتعليم وغيرها .. ناهيك عن اعادة تشغيل المؤسسات والمراكز الحكومية .. وكان له ما اراد فعلا .. لتستعيد «عدن» بفعل ذلك القها ووهجها واشراقتها وطمأنينتها السالفة .. وفي المقابل استعاد اهلها ابتسامتهم وفرحتهم ونشوتهم المعهودة.

جهود وادوار وبصمات ونجاحات وايجابيات دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر .. في «عدن» وغيرها من المحافظات والمناطق المحررة معروفة ومشهودة وملموسة وباتت تتحدث عن نفسها، بعد ان صارت حقيقة ماثلة وراسخة لا يستطيع أحد انكارها او التشكيك فيها او حتى المساومة عليها .. ولعل ابسط مثال على ذلك مسألة الأمن في «عدن» الذي نجد انه وفي ظل تواجد دولة الدكتور «بن دغر» في المدينة لم يشهد الناس فيها أية احداث او عمليات ارهابية، كهذه الهجمات المروعة التي حصلت يوم أمس واليوم واستهدفت مبنى البحث الجنائي بخور مكسر - باستثناء جرائم الاغتيالات التي استهدفت اشخاص محددين والتي للأسف تؤكد الكثير من الشواهد ان شخصيات نافذة متورطة في تنفيذها.

جميعنا يتذكر تلك الانشطة والفعاليات والنزول الميداني المستمر الذي قام به دولة رئيس الوزراء احمد عبيد بن دغر طيلة الاشهر الماضية، والذي تفقد فيه من خلال زيارات ميدانية يومية كل احياء «عدن» وحاراتها وسواحلها، يلتقي ويتجول بين الناس البسطاء ويحادثهم ويستمع الى همومهم ومشاكلهم دون حراسة ودون ان يحيط نفسه بأي مواكب، او يستعرض بشيء .. وطبعا لم تقتصر تلك الزيارات على «عدن» وحسب بل انها شملت العديد من المحافظات والمناطق المحررة والتي منها: «لحج - ابين - حضرموت - شبوة - المهرة - المخا» وغيرها كثيرة وخلال تلك الزيارات جميعها لم نشهد اية هجمات او عمليات ارهابية في أي منطقة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: مالذي حصل يا ترى حتى تظهر كل هذه الاختلالات الامنية في عدن .. بعد سفر دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر؟! .. وللإجابة هناك مثل شعبي يقول: "إذا غاب الراعي .. شرد القطيع" .. وهذا ما هو حاصل في عدن اليوم .. فبمجرد ان سافر رئيس الوزراء وهو المسئول الاول في «عدن» فرطت الاجهزة الامنية والقائمين عليها في مهامهم وادوارهم وواجباتهم .. لأنه لم يعد هناك من يراقبهم ويوجههم ويردعهم تساهلوا وتغافلوا واهملوا وفرطوا في الواجبات .. ليجد الارهابيون في التفريط ذاك بغيتهم وبالتالي سعوا الى تنفيذ هجماتهم .. والمأساة أن الاجهزة الامنية نفسها كانت هي الضحية .. وهو الأمر الذي يؤكد وبما لا يدع مجالا للشك غباء وتقصير واهمال القائمين عليها .. ويكشف في المقابل مدى استهتار العناصر الارهابية بها .. وعدم خوفهم منها.

من هنا نقول: أن هذه الهجمات والعمليات الانتحارية الخطيرة .. تعد بمثابة جرس انذار والقيادة السياسية والحكومة معنيتان بإستيعاب وتفهم هذا الامر بدقة، وادراك مدى خطورته وتبعاته الكارثية .. وفي المقابل فانهما معنيتان بالعمل وبشكل جدي وسريع وعاجل على وضع الحلول والمعالجات الممكنة واللازمة لذلك .. والتي يأتي في مقدمتها اعادة النظر في مسالة تعيين الأشخاص القائمين على الاجهزة الامنية في «عدن» .. لان من فرط وقصر في مهامة وفشل في ضبط الامن اليوم بالتأكيد سيفرط ويقصر في الغد وبعد الغد ايضاً .. وكما نعلم ان الاوضاع في عدن، وظروف البلاد والناس اجمالا لم تعد تحتمل المزيد من الخيبات والمآسي والكوارث والنكبات .. ما يعني ان المسألة بحاجة الى قرارات حاسمة وحازمة تعيد لـ«عدن» واهلها الطمأنينة المفقودة - هذا من جانب.

وفي الجانب الآخر نقول: دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر- رئيس مجلس الوزراء - وحده يعرف «عدن» جيداً، ويدرك طبيعة أهلها وحاجاتهم ومتطلباتهم، ويتفهم اوجاعهم واحزانهم ومآسيهم .. ووحده لا يزال يحضى بثقتهم وحبهم واحترامهم وتقديرهم، ويحتل مكانة في قلوب صغيرهم قبل كبيرهم .. لذلك فإن عودته الى هذه المدينة التي جار عليها الزمن وخذلها ولاة الأمر - باتت مطلب وهاجس شعبي ملح ومهم وضروري ومُلزم، يتحدث به ويردده الناس في الشوارع والاسواق والمحلات وفي مواقع التواصل الاجتماعي وفي كل مكان .. لذلك فإن ما نأمله منه هو أن يتفهم ذلك المطلب جيداً، وان لا يخيب آمال اولئك البسطاء الذين ما فتئوا يبتهلون له بالدعاء عند كل صلاة.