——————-
كان علي عبدالله صالح يحتاج تلك النهاية وبالشكل الذي تمت به، نعم يحتاجها لأنها المره الوحيده التي كان فيها صادقاً مع نفسه ومع الناس، المره الوحيدة التي تجلى فيها صالح كإنسان، المره الوحيده التي تعاطف فيها الناس معه، الحسنة الوحيده التي غفرت له في قلوب بعض الناس كثير من الأخطاء والخطايا والرزايا التي أرتكبها في حياته.
قالوا له الناس أبتعد عن التوريث ولم يسمع، وهاهي الأسرة اليوم بين قتيل وأسير ومشرد، وبيوتهم تحترق، ولم يبق ممن بقي منهم حياً غير الحسرة والألم والندم.
علي صالح لعب على المتناقضات، ورقص على رؤوس الثعابين، والنتيجة أن الثعابين ألتفت حول رقبته في آخر المطاف وسقته من سمها الناقع.
نهاية تليق بالرجل لأنه قد كان على أعتاب الخروج من التاريخ كومة لحم تافهه لرجل كان يسمى صالح سقط سقوطاً مروعاً وأسقط اليمن أيضاً، ولكن هذه النهاية أعادته للواجهة والحضور كنهايات الشخصيات الإستثنائية الجيدة والسيئة منها.
المفروض بعلي صالح أن يشكر الحوثيين شكراً جزيلاً أن سحبوه من المستنقع الذي كان يغرق فيه وأعادوه إلى لجة التاريخ بهدير أمواجه المتلاطمة.
لو قبل الحسين بن علي عرض عبيد الله بن زياد بالسلام وأخذ ما أراد من العبيد والجواري وسواد العراق كان اليوم شخصية عادية لا تلطم عليه الخدود ولا تجرج الجباه والصدور في ذكراه، لكنه بتلك الشهادة في كربلاء صنع تاريخاً لازال يمتد في الزمان والمكان ويتجرع الناس ألم تلك اللحظة ومأساتها حتى اليوم بتناسل الصراع والدم والشهادة. لا أتحدث عن الحسين للمقارنة بينه وبين صالح فليس هناك مقارنة بالطبع، ولكني فقط أقارن بين القتلة الذين يصنعون مجداً لضحاياهم وهم لو كان يعلمون لم أقدموا على ذبحهم.
صالح سيتلاشى تماماً بتاريخه الطويل العريض، وما سيبقى منه فقط هو تلك اللحظة التي قتل فيها على أيدي أولئك الغوغاء الحوثيين.
لو قتل صالح على أيدي القوات الشرعية كنا سنحتفل اليوم بفرح بسقوط الدكتاتور على أيدي قواتنا الباسلة، وهذا جزء من خان الثورة، وسلم الجمهورية للإماميين الجدد. ولو قتل صالح بصاروخ من طائرة للتحالف كنا أيضاً سنحتفل بسقوط الدكتاتور الذي باع اليمن لإيران ووكلائها في اليمن، وسنشكر التحالف أن قتل الطاغية الذي خرج عن الصف العربي.. لكن صالح قتل على يد الحوثيين وذلك هو الفرق.. أهدوه هذه القتلة الإستثنائية ليعود من الهامش إلى المتن ولو قتيلا.
#صالح_الجبواني