أين النكف القبلي ؟!

2017/12/07 الساعة 12:59 مساءً

 

المجتمع اليمني مجتمع قبلي بامتياز , والقبيلة كيان اجتماعي ظهرت مع ظهور الإنسان , حيث كانت تمثل حاجة ملحة وطبيعية للوجود البشري وما يقتضيه ذلك الوجود من متطلبات لعل أبرزها الحماية والغذاء وتنظيم العلاقات .

مع تطور الإنسان , وتكوين الأوطان وبروز الدولة , تقلص دور القبيلة لتتوارى لتفسح المجال للدولة الحديثة تنظم العلاقات وتدير شئون الوطن , بقوانينها الحديثة المواكبة لتطورات العصر .

القبيلة ليست شر مطلق ,يمكن أن تكون دافعا للدولة الحديثة أذا أوريد لها ذلك , لها دور ايجابي في كبح النزوات والشهوات عندما تسقط هيبة الدولة , شرها يكمن في استخدامها السيئ من قبل الأنظمة المستبدة والديكتاتورية في التمايز والعنصرية , وحماية النفوذ والجاه .

يوجد في بلدي مجتمع مدني في عدن وتعز وحضرموت وصنعاء , وعواصم بعض المحافظات , يظل متأثرا ومقيدا بطوق القبيلة المحيطة به , كلما ضعفت الدولة برز دور القبيلة لتكتسح هذه المجتمعات تؤثر فيها سلبا وإيجابا , سلبا في تغييب دور الثقافة والسلوك المدني , وإيجابا في الحفاظ على العرف لكبح السقوط المدوي للأخلاق والأعراف .

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم وبكل إلحاح هو : هل يمكن الاعتماد على القبيلة لتلعب دور اجتماعي  في ارساء الدولة المعاصرة ؟ , في التغيير في دعم التحول المنشود لترسيخ قيم الدولة الحديثة كالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية , لتخلص من الإرث المعيق لهذه الدولة ومواكبة تطورات المرحلة والعصر , لتخليص الناس من الاستبداد والطغيان والهيمنة , في دعم المقاومة الشعبية لتحرر من الكهنوت .

أم ستظل القبيلة الحصان الرابح للتخلف والاستبداد والجهل , والداعم الأساسي لتمكين الكهنوت !

صنعاء العاصمة , لها أثرها الكبير على سياسة البلد في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية , وفيها الصراع بين القديم والجديد , المتخلف والعصري , وهنا يبرز دور الطوق القبلي لصنعاء في دعم أي منهما , ليتفوق على الأخر .

11مليار ريال يمني ميزانية القبيلة , كان البحث العلمي والتعليم والصحة أولى بها , والقبيلة لم تتطور, ليكون لها دور وطني وأنساني , بل كانت مجرد أداة للاستبداد , تخنع له وللشيخ , وتدعم أركانه .

ها هو الكهنوت اليوم يلتهم صنعاء والمناطق الغير محررة , ويتم تصفية الخصوم بدم بارد , غابت القبيلة والحشود التي كانت تصفق للمؤتمر وتدعي أنها جمهورية , خنع الكل بما فيهم القبيلة ( أذا خنع الشيخ خنعت الرعية ) , لا عاد نكف قبلي ولا عيب اسود ,كل ذلك الهيلمان , والهالة الإعلامية لثلاثة عقود من الزمن عن القبضة الحديدية والولاء صارت وهم , ليتحول الجميع لفريسة سهلة للكهنوت بفوهة المدفع وزناد البندقية , اليوم القتل بالجملة خارج النظام والقانون والعدل والقضاء , الصمت الرهيب والمعيب .

  ما لم تتحرر القبيلة من ثقافة العنف والاستبداد , تتحرر من السطوة والهيمنة للجاه والنفوذ والمشايخ , لتكون داعم للمجتمع  المدنية لإرساء الدولة الحديثة , ودعم انتفاضة صنعاء الفرصة التاريخية الملحة لنهضة وتطور البلد دعم للمقاومة الشعبية والشرعية , سيبقى اليمن مثله مثل الدول المتخلفة , التي يحكمها الاستبداد ويركب القبيلة كفارس بيده خطامها وسوط يجلد به الضعفاء , ويرسخ التمايز والعنصرية والطائفية والمناطقية , ليتسيد ويستبد وينهب ويستبيح الوطن باسم القبيلة , وأول المتضررين من ذلك هي القبيلة , المهانة المكسورة اليوم للأسف كما هو في طوق صنعاء ما لم تثبت غير ذلك  .

احمد ناصر حميدان