تعالت اصوات جنوبية مهووسة بالنزعة المناطقية، تدعو الى التبليغ عن كل نازح من صنعاء او عضو مؤتمري، واكثر ما احزنني ان يبادر البعض الى بث الاشاعات بحدوث جرائم سرقة من بعض النازحين، الا يعلموا هولاء ان جرائم السرقة يقوم بها البلاطجة ممن يحسبون على الجنوب، ولأمثال هولاء اقول ان التاريخ قد رصد لنا مراحل عدة من النزوح المتبادل بين الشمال والجنوب فقد استقبلت عدن النعمان والزبيري وعدد كبير من حركة التحرر في الشمال، كما ان تعز والحديدة وصنعاء وعلى مدى ستون عام كانت تستقبل النازحين من عدن ومن مختلف مناطق الجنوب، نزح اليها رجال الاعمال من امثال باعبيد وبازرعة والاهدل وفنانون من امثال محمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبدالله ومثقفون وشعراء مثل الدكتور محمد عبده غانم والكاتب والمحامي علي لقمان ومن الساسة الكثير منهم محمد سالم باسندوة وعبدالله عبدالمجيد الاصنج وعلي ناصر محمد وعدد كبير من العسكريين وذلك بعد احداث 13 يناير، هذا النزوح المتبادل ليس من اليوم بل منذ اواخر السبعينيات من القرن الماضي وقبل ذلك بسنوات، واما بعد قيام الوحدة في 1990 فقد استقرت في صنعاء وحدها اكثر من خمسة الاف اسرة عدنية وجنوبية، لقد عشت سنوات في تعز والحديدة وصنعاء لم اشعر ابدا بانني غريب او دخيل عليها، وكذلك كان كل من ابناء المناطق الشمالية يعيشون في عدن كرماء معززين ومنهم من سكنت عدن انفاسه وابحثوا عن حافة الدبع في الشيخ عثمان لتعرفوا من هولاء، انزعوا الكراهية المغيضة والمقززة من صدوركم، وازرعوا قيم المحبة والتسامح بين فئات المجتمع، ولتكن عدن ارض المحبة والتسامح ومدينة التاخي فهي لم تغلق ابوابها ابدا بل ظلت وستظل مشرعة لكل من اراد ان يزورها او يقيم بها، فقط بمحبة وسلام لا ان يستبيحها ويجعلها ملاذ له باحثا عن المنصب والوظيفة والاراضي السكنية