ل
الكل أقحم نفسه في السياسة , صار يفتي ويحلل بمزاج نفسي متضرر , حيث يتغلب الضرر والانتقام ويغيب العقل والمنطق .
إن اللعب على ورقة السياسة في كل أمر من أمور الحياة واستغلال قوة هذا العامل في أوطاننا العربية والإسلامية، استطاع أن يؤثر بطريقة خاطئة على مسارات الاقتصاد والدين معا ،بل العلاقات العامة بين الأفراد في المجتمع وبين المكونات السياسية نفسها ومصدر القرار, حيث يبرز الجهل لينتج توحش .
مجتمع يشرب وينهل من ثدي السياسة دون وعي حقيقي بمفهوم السياسة , منتج ضار , تختلط عليه الأمور وتسيطر عليه المشاعر فلا يميز راية الحق من الضلال ، فباتت الحياة بكل أركانها الديني والسياسي و الاقتصادي والثقافي والفكري رهن المنتج السياسي , بعفنه وقذارته .
في هكذا مجتمع غير جدير بتجاوز ماضيه وأحقاده وضغائنه , يتجاوزه العصر وتتخطاه المتغيرات , حيث لا يستطيع المواكبة .
كنا في نقاش محتدم مع القوى الرافضة للحوار الوطني , مع من كان يقول لا يعنيني , وأخر لا اقبل بحوار فيه مكون فلان وزعطان , وأخر لا يفكر بالحوار كقيمة بل من يرعى ويدير ذلك الحوار .
حيث كنا نرى في الحوار فرصة سانحة للمكاشفة , لنقد الذات والمرحلة , لاستعادة روح القوى الناعمة بفكرها وثقافتها لدور الشباب والمرأة وأصحاب الفكر والرؤية والعلم والمعرفة , لتحييد العنف والسلاح لتتفوق الكلمة عن البندقية , كنا نرى الحوار قيمة نحن أصحابها ومنبر نتربع فيه , القاعة هي الصورة الحقيقية للحوار بكل أدواتها وما يطرح فيها , حيث الحق يتجلى باصطفاف وطني يحميه ويدافع عنه , عندما نتواجد كمؤثرين نحيد الطرف الذي يهدد مستقبلنا .
للأسف كان بعض هولا يتمنون للحوار أن يفشل , بل تأمروا على فشله , ولازالوا لليوم يتآمرون على مخرجاته .
كل تلك الأوراق والمشاريع التي رفضت الحوار تتساقط , ويبقى الحوار الوطني ومخرجاته هي الحل الذي لازال صامد رغم كل المؤامرات .
مخرجات الحوار الوطني تلبي قناعات الشريحة الأعظم , وتتيح للكل الفرصة ليعبر عن مكنوناته , وتضع كل المشاريع على الطاولة , ليقول الناس رأيهم بحرية واختيار أيا منها , في استفتاء وصندوق انتخاب نزيه وشريف , بعيدا عن التسيد والعنف وفرض أمر واقع على الجميع تقبله .
الحوار لغة العقل , يرفضه الجنون , حينما يسيطر وهم الغلبة بالعنف , ويتحول الوطن لغابة ,القوي فيها ينهش الضعيف , ليعود الضعيف يحتمي بالحوار .
قوى الشرعية ممثله بالرئيس عبد ربة منصور هادي , كان سلاحها الحوار حيث يلتقي الجميع فيه , حاولت بكل ما تملك تجنب العنف , تحييد السلاح والصراعات والمناكفة والمشاحنات , وصفها البعض بالضعف , لأنه يؤمن بالقوة المفرطة , وماذا أنتجت لنا القوة والعنف , غير مزيد من الموت والقتل , وتجريف المجتمع من أدوات التنمية السياسية وكوادره ورجالاته وتنوعه , مهما اختلفنا أو اتفقنا معهم يظلون جزءا عريق ومهم من العملية السياسية والفكرية .
القوى التي رفضت الحوار هي في اضعف حالتها , في انهيار , عليها العودة لجادت الصواب للحوار الوطني ومخرجاته وقيمه ومبادئ حيث التعايش والدولة الضامنة للمواطنة والحريات , المستقبل المنشود الذي لا فيه غالب ولا مغلوب .
احمد ناصر حميدان