يغتال خطباء المساجد المصلحين و الواعظين والتربويين الأكثر اعتدال وتنوير , في عدن , وشبابها المتحرر من قيود الماضي المتخلف , كل من يفكر ويحلل بعقلية نظيفة وروح نفسية طاهرة ونقية , كل من يضع أسائلة محورية في فلسفة الحياة والتجديد , كل من يرفض التشويه والتشويش للثقافة والفكر وتغرير الشباب الواعد , للتربية والتعليم والنشء , وبث ثقافة الكراهية والأحقاد والضغائن , ليلهب حماس زائف لدى الناس يخدم أنانيته ومشروع الضيق , كل من يدفع بالكره والانتقام على مدى سنوات , واوجد واقع رديء وبيئة حاضنة للإرهاب بكل أشكاله ثقافيا وفكريا وروحيا ,سياسي وعقائدي وأيدلوجي ومناطقي وطائفي , مؤامرة تجريف عدن من أخيارها ليعبث الأشرار في واقعها .
فقد المواطن الثقة بالأمن , قضايا معلقة وملفات شائكة , وسنوات لا نسمع غير دعاية إعلامية لفيديوهات , دون محاسبة وكشف ملابسات وهوية الجناة , محاربة الإرهاب قضية للمناكفة والمماحكة السياسية القذرة ضحيتها عدن وشرفائها .
كل ذلك يصب في المؤامرة التي لازالت تحاك ضد عدن , أدواتها ما تبقى من عفن ذلك الماضي ومخرجاته , في المجالس المحلية , في المكونات السياسية , غيروا ردائهم , ولازال جوهرهم عفن , وكل من أصيب بدائهم , ولم يستطيع تجاوز ذلك الأثر الذي لازال عالقا في ثقافته وفكرة وقناعاته , وكل مريض حاقد فاقد العقل والميزان متهور , متذمر يدمر كل ما حوله والضحية عدن.
إلا ما رحم ربي منهم و أدرك حاضره وتجاوز ماضية ,و وضع الوطن وعدن في أولويات اهتماماته , وأدرك حجم المؤامرة والتحديات وكبح جماح أنانيته ونزواته ومصالحه الضيقة , ألف تحية لمثل هولا, ومرحى بهم في حضن الثورة الوطنية والإنسانية وراجحة العقل والمنطق .
المؤامرة تستهدف عدن ثقافيا وفكريا وروحيا , تستهدف إيقونتها ومدنيتها وفسيفسائها , تستهدف روحها الطيبة نقائها , روائحها الزكية عشقها وجدانها الكوني .
يراد لعدن أن تكون بيئة حاضنة للإرهاب للتعصب للتطرف الديني والأيدلوجي المناطقي والطائفي , لتكن صيدا سهل للاستبداد القذر بكل صوره سياسي وديني , حيث يتوحدون في الأهداف والمكونات .
واقع اليوم المنفلت امنيا وثقافيا وفكريا , هو البيئة المتاحة لانتشار المخدرات , الأشد آفة وفتك بالمجتمع وإنسانيته وقيمه ، حيث تلقي بظلالها القاتمة وآثارها السلبية على جميع مناحي الحياة الخاصة ثم العامة .
كل يوم يزداد ضحايا الشباب المتعاطي للمخدرات , التي تروج في ساحات الجامعة والمدارس والأماكن العامة , مستفيدين من انشغال القائمين على الأمن والحياة العامة في ما هو غير هام ليستفحل حال المدينة وتسقط في تدهور أخلاقي وثقافي وتربوي وسلوكي ومنحى خطير .
أسوء ما نعيشه اليوم أن قسم شرطة لا يستطيع ضبط مجرم أو خارج عن القانون أو حتى حماية المؤسسات والعمال , ومشاريع إعادة تطبيع الحياة ورصف الشوارع ,المهداة من البنك الدولي وتحت إشراف صندوق التكافل الاجتماعي والإنشاءات , ويفترض بتسهيل وحماية المجالس المحلية وامن عدن , حيث نفتقد للتسهيل والحماية في معظم مديريات عدن .
عندما يتعرضون المقاولين والمهندسين والعمال للتهديد والابتزاز من قبل ضعفاء النفوس ( من المجلس المحلي ورجال الأمن وبلاطجة الشارع ) والتحريض لتخريب العمل , والجهات المسئولة في المجلس المحلي أو مدير المديرية أو مدير قسم الشرطة اعجز من أن يقوم بعمله كمسهل لمثل هذه الأنشطة التي هي من صلب مهامها , عندما يتحدى بلطجي الدولة في الشارع , ويوقف عمل المقاول , والناس تشاهد ولا تهتم , لا لعدن وسمعتها و ولا ينتصر للحق العام في الشارع العام .
سقطت القيم والإنسانية والوطنية , حينما حقن الناس بالمناطقية , وتم التعامل مع الإنسان بجغرافيته وعرقه , ويأتي أسوء الناس ليحتقر الشرفاء والأحرار أمام الجبناء , ممن لا يرتقون لمستوى المسئولية والتحديات .
احمد ناصر حميدان