قُتل عفاش بعد أن قتل كل شي جميل في حياتنا , نحر الوحدة والديمقراطية والمواطنة والحرية والمساواة والعدالة , وحاول أن يمتطيهما معا للمضي باستبداده , ذهب غير مأسوف علية , فهل ستذهب كل نتائج أعماله , هل سنعود كما كنا بشر متحابين متآلفين مستأنسين , أم سنبقى كما تركنا وحوشا ضارية متصارعين , تقتلنا أحقادنا ضغائننا , خصوماتنا السلبية المدمرة لما تبقى من علاقات أخويه وروابط إنسانية وقيم ومبادئ وأعراف وشرائع و وحدة وطنية واجتماعية .
لن نمضي لرحاب العصر والنهضة ما لم نكن جديرين بتجاوز عفاش كفكر وثقافة وسلوك , نطوي تلك الصفحة للأبد , لا نحتاج منها غير العبر والدروس , أن نكون غير ما كان , ولا نستند على تركته ومخلفاته , ونستعيد روحنا الطيبة وإنسانيتنا الجميلة و وحدة صفنا الرائع وديمقراطيتنا والعدالة الاجتماعية , لنعيد ترميم الشروخ وراب الصدع وردم الهوة , يكفي ما عنيناه , فقد زال الهم والغم , ونبدأ نعيد للحم والدم الفاسد روح القيم والمبادئ والانسانية.
لم تسلم قطعة ارض في الجغرافيا اليمنية ممن أفسدهم عفاش , أفسدهم كنافذين ومتسلطين , وأفسدهم كمرضى مصابون ومحقونون بداء عفاش , يتشابهون معا في مشاريعهم وسلوكياتهم وأفكارهم , كانون في الشمال أو الجنوب .
عدوهم الأول هي تلك القيم , ومن يعمل لترسيخها على الأرض , عدوهم الكتاب والصحفيين والمفكرين والمثقفين , عدوهم العقول النظيفة وراجحة المنطق , عدوهم الرأي والرأي الأخر , عدوهم المختلف معهم والمتنوع عنهم , عدوهم الجمال والتسامح والحب والتوافق والتصالح .
ضحاياهم الصحفيين والحقوقيين والناشطين المدنيين , وكل إنسان حر عصي على الارتهان وغيور على السيادة والعدالة والإنسانية .
ما حدث للصحفي الرائع احمد ماهر في عدن هو نفس ما يحدث في سجونها السرية ويصب في نفس ما يحدث في صنعاء والمناطق التي تحت سلطة الانقلاب الحوثي .
نفس الكائنات العنيفة التي تحمل الكليشنكوف وتعتقد أنها قادرة على إخضاع الناس لما تريد , القتل أو التهديد به ,والضرب والإهانة والتجريح والاحتقار , أساليب تنم عن ضعف وهزل وجهل وتخلف , كائنات مصابة بدء الاستبداد والارتهان للأصنام والطغيان , فاقدي الروح والعقل والمنطق والإنسانية , حيث لا يستقيم لديهم المنطق بغير العنف والبندقية .
صديقي الصحفي احمد ماهر , من أروع الصحفيين في عدن , معتدل ومنحاز للجنوب وعدن , يرفض أن يكون جزءا من العفن , مواقفه إنسانية و وطنية مشرفة , يحترمه الجميع في عدن , مناهض للتعسف والظلم والقهر والجهل والتخلف وكل ما يسئ للجنوب وعدن .
تضامننا معه , ورفضنا القاطع لكذا سلوكيات ,لن تثنينا عن واجبنا الوطني والإنساني , نحن و كل الخيرين والشرفاء والأحرار , الجدار القوي والرصين في وجه هذه التصرفات المسيئة لعدالة قضيتنا وإنسانيتنا وقيمنا ومبادئنا , من يخدمون هولا غير ثقافة عفاش , والله المستعان .
احمد ناصر حميدان