المكونات المدنية والشراكة السياسية

2017/12/26 الساعة 11:13 مساءً

 

عند مراجعة جميع مرجعيات المرحلة الانتقالية في اليمن سنجد أن كثيراً من بنودها نصت على ضرورة إيجاد دور سياسي للشعب يمارسه عبر ممثلين مدنيين من المجتمع خلال هذه المرحلة، في دلالة على ضرورة ان تعكس العملية الانتقالية في اليمن تطلعات المجتمع على مستقبل بلدهم خاصة بعد الحراك المطلبي الذي إنطلق في جنوب البلد مرورا بالثورة الشعبية السلمية، لذلك تم الإشارة للشباب والمرأة والحركات والمنظمات المدنية بصفتهم إحدى القوى الرئيسية المعبرة عن المجتمع في قرار مجلس الأمن رقم ( 2014 لعام 2011 م) و تلى ذلك نص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية على ذلك، وبناء عليه تم إيراد مسميات المكونات المدنية بشكل واضح لأول مرة في المرحلة الانتقالية عبر قرار رئيس الجمهورية رقم (30) لعام 2012م، المنشئ للجنة الفنية للإعداد لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ذكر (منظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب) مكوناتٍ رئيسية ضمن الأطراف الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن، معللاً هذا الإيراد بكون هذه المكونات ستكون متحررة من القيود السياسية للعمل التنظيمي والحزبي مما سيجعل أعضاء هذه المكونات يعبرون عن تطلعات المجتمع بشكل واضح بعيداً قدر الإمكان عن أي تأثير أو مصالح حزبية.

 

 

مما أفضى وللمرة الأولى للمشاركة الندية بين المكونات المدنية والأحزاب السياسية في اليمن وكان ذلك في (مؤتمر الحوار الوطني الشامل) الذي هدف لرسم ملامح الدولة القادمة عبر مخرجاته التي سينبثق عنها دستور اليمن الجديد،
جاء تأكيد هذه المشاركة في التقرير النهائي للجنة الفنية لمؤتمر الحوار التي حددت حجم المكونات المدنية في الحوار بعدد (40) عضواً لكل مكون (المرأة المستقلة / الشباب المستقل / منظمات المجتمع المدني) يمثلون كبرى الاتحادات العامة والنقابات العمالية والجمعيات المهنية والمنظمات النوعية وبنسبة تناهز (14%) من إجمالي أعضاء مؤتمر الحوار.

 

هذه المشاركة كانت البوابة الواسعة للشباب والنساء في اليمن للولوج في عالم السياسة كشخصيات فاعلة (صاحبة قرار) ثم بدأت سلسلة الشراكة بعد ذلك تطول -ولو بشكل بسيط - ويمكن تقييم فاعلية هذه الشراكة أو فاعلية أعضاء المكونات المدنية إبتداء بدورهم في مؤتمر الحوار مرورا بكل ما تلى ذلك.

 

و المهم هنا هو عدم تثبيط عجلة هذه الشراكة بداعي التقييم المفرط أو بدافع التخوفات فمهما كانت سلبيات أدوار بعض أعضاء المكونات المدنية فهناك إيجابيات عامة من تواجدهم في العملية السياسية يجب الإلتفات لها، فتواجدهم يدعم الشفافية المطلوبة في مرحلة كهذه ويسهم في إرساء الشراكة الواسعة الداعمة للديمقراطية التعددية التي هي صلب النظام الجمهوري ويساعد على نشوء أرضية تفاهمات مرتبطة بتطلعات المجتمع بين الأحزاب السياسية المتباينة.
إن شراكة الشخصيات المدنية والفاعلين المدنيين في السياسية تحت راية المكونات المدنية تعتبر إحدى المحطات البارزة في العملية السياسية الانتقالية في اليمن، وسطرت عبرها اليمن تجربة سياسية متفردة على مستوى الإقليم ودول العالم الثالث تستحق الاستمرار والبناء عليها و الإستفادة منها للوصول لليمن الجديد المنشود.