تجربة الموت تجربة صعبة للغاية مهما كانت درجة إيماننا. وخصوصاً عندما تمس شخص عزيز علينا , عندما تهدد أولادنا ذريتنا الطيبة , عندما نسمع في لحظات متقاربة جدا عن حوادث لموت إنسان في الحي أو في المدينة , ابن عزيز .
تجربة عشتها وحزن انتابني لموت أبن صديق عزيز الشهيد احمد محمد عبادي ابن القبطان محمد عبادي , شاب يافع في مقتبل العمر,خدوم استدعاه بعض زملائه للتبرع بالدم لوالدتهم , لبى النداء , يجهل ما يحاك ضده من مؤامرة , وكان ضحية شياطين في جسد بشر , قتلوه وقتلوا براءته طمعا في سيارته , لم يراعوا حق الإنسانية والصداقة والعشرة والجيرة , والعلاقات الطيبة بين الأسر المتحابة , صدمتني الحادثة , لبشاعة السلوك , و وحشية هولا الشباب , وبراءة الشهيد المقتول غدرا وخيانة .
صدمه جعلتني محتار من الوضع , أسائلة كثيرا شغلت ذهنيتي , ما لذي جرى ؟ وماذا يجري في عدن ؟,عدن إيقونة الحياة والتسامح والحب والمدنية , لم نتصور يوما أن نعيش فيها لنسمع كهذه الجريمة الشنيعة , عجائب حكايات الجرم والإرهاب , خلف كل ذلك مجرم خفي , ينحر عدن , يصطاد أخيارها , وأفضل من فيها , من شيوخ وأمة المساجد من شباب واعد , من رجال ومهارات وقدرات وملكات هي خير ما في عدن على رأسهم الشهيد جعفر محمد سعد وأخرهم ابننا احمد عبادي .
هذا القاتل الخفي الشيطان الذي يتلبس ألقتله من بني جلدتنا , يستهدف عدن وروحها الطيبة وعراقتها وإنسانيتها وأصالتها , يستهدف مدنيتها وثقافتها وعلاقاتها على مر العصور والسنين , شيطان ثقافة الكراهية والأحقاد والضغائن , شيطان تغلغل في الشروخ الاجتماعية والوطنية ليجد ضالته في اضعف من فينا من شباب قابل أن يتحول لقاتل , مع وجود الانفلات الأمني والمماحكة القذرة للسياسة , التي وصلت للقاع , في ودِيْماغوجيَّة فساد وعي ورأي , جعلت كل مواطن بسيط جزءا من هذا الوحل القذر للسياسة , جعلت الجاهل والمتخلف والطفل يتطاول على الوعي والثقافة والقيم والثوابت الإنسانية والوطنية ألحقه .
الجريمة تستفحل في عدن, والأخلاق تتفسخ , والثقافة والفكر ينحرفان , والمدنية مهدده , والمخدرات والمكيفات تنتشر كسرطان ينخر عقول وأجساد شبابنا الواعد ,كل ذلك ناقوس خطر لواقع نعيشه ومستقبل ننشده .
هذه قضيتنا جميعا قضية رأي عام , تخص حاضر ومستقبل عدن , تخص كل وطني غيور على هذه المدينة , وكل إنسان يكن لها الوفاء والعرفان , تخص المثقفين والمفكرين والتربويين وكل المختصين والمهتمين بعدن ثقافة وفكر وسلوك وحياة , جريمة في ذمة رجال الأمن والعدل , الأوفياء للقيم والمبادئ للحرية والعدالة , أن سكتنا , تواطئنا في ما يحدث وقد يحدث لعدن , والموت الذي طال عائلة الصديق والحزن الذي انتابهم ,سيكون غدا في كل بيت وكل حي يسلب الحياة وفلذة أكبادنا .
علينا أن نصحو لنكن جديرين في مستوى المسئولية وعند مستوى التحديات , غير مثيري للشفقة , لنجتث الإرهاب الفكري والثقافي والتربوي والأخلاقي, لنرسي العدل ومحاسبة كل من تسول له نفسه تهديد السلم العام وحياة الناس , الناس تنتظر عقاب عادل بحق القتلة والمجرمين لكل جرائم هذه السنوات من من قتلة المحافظ جعفر محمد سعد حتى مقتل ابننا البار احمد عبادي ,ليكونوا عبره لمن يعكر صفو عدن, عزائنا لأسرة الشهيد وذويهم وكل شهداء وضحايا الجرم في عدن , ورحمهم الله وطيب ثراهم وأسكنهم جنات النعيم إن لله وان إليه راجعون .
احمد ناصر حميدان