الوطن كلمة بسيطة وحروفها قليلة، ولكنّها تحمل معاني عظيمة نعجز عن حصرها، هو هويتنا وفخرنا وملجئنا للإحساس بالأمان , هو نعمة من الله أنعمها علينا نحافظ عليها ونرعاها وننميها وندعو الله إن يديمها , الوطن يحتاج حب , كلا يحبه بطريقته , المستبد يحبه باعتباره كرسي حكم يمارس فيه هويته الاستبدادية , النعمة له ولأسرته وبطانته , والسياسي يحبه عندما يكون ساحة يتفوق فيها مشروعه ويفرض على الآخرين رؤاها وقناعاته , وعندما يفشل يصاب بالضجر والتذمر ويبدأ يكيل وابل من التهم , و ألمصلحي الفاسد والأناني الجشع , يحبه بمقدار حبه لنفسه وتعطشه للنهب والاستغلال والاستثمار لكل شي , والمواطن البسيط يحبه ببساطة طموحه وأماله , لا يريد غير وطن يستوعبه ويحميه ويعيش فيه كريما عزيزا فخور بهويته و وطنه بين الأمم .
نحن في اليمن نعاني من مشكلة عدم قبول وتحمل الأخر المختلف , ونقص في الوعي الوطني والسياسي والاجتماعي , أننا امة واحدة مختلفة بالأفكار والقناعات والتوجهات امة متنوعة بطوائفها وعقائدها وأعراقها وألوانها , هذا التنوع إذا ما استوعبناه يمكن أن يشكل لوحه جميلة ننعم بها وتسر الآخرين , أو كحالنا اليوم نجعل هذا التنوع والاختلاف وباء ومصدر هدر وصراع على التسيد والهيمنة وفرض أمر واقع على الآخرين ليكون قطعه من جحيم الدنيا على الجميع.
مجرد ما أن قتل صالح , قلت أن الله يقدم لنا أمثلة وعبر , علينا أن نتعظ بها , واعتبرتها خطوه نحو وعي جدي برفض العنف , وعي أن القوة زائلة ويمكن للقوي والمهيمن والمستبد اليوم أن يضعف ويلقى مصير ضحاياه , وعي سيشكل جبهة عريضة للدفاع عن الجمهورية وضرورة التعايش في وطن يجمعنا وفق مخرجات الحوار وإرادة الناس في الاستفتاء والانتخابات بديمقراطية حرة وتبادل سلمي نزيه وحقيقي .
وما أن طل علينا ابن شقيقه طارق بلغة الزعيم المتعالية , شعرت بخيبة أمل , خيبة أمل أن التغيير عصي على مثل هولا , ويعتقدون أنهم أصحاب الحق ومسيرتهم على درب الزعيم , مسيرة دموية استبدادية مسيرة حب الذات والأنانية استثمار وطن واستغلال شعب .
مثل هولا وهم كثر نتاج ثقافة رسخت على مدى أعوام من المغالطات والنفاق والفساد في معنى حب الوطن .
حب الوطن , أن تضع مصالحه ومصالح الأمة في أولوياتك , أن يتفوق على أنانياتك , على الذات ليفكر بالعام والإجماع , حب الوطن هو التضحية لأجله , لتكن قادرا أن تعيش فيه فرد لك ما للآخرين وعليك ما عليهم , حب الوطن أن تكون جندي للدفاع عن مصالحه ليس بضرورة أن تملي على الآخرين قناعاتك وتقدم نفسك قائد بديل لعمك , ومنقذ وفي الحقيقة أن الوطن كان ضحية من ضحايا سياسته , و الورطة الذي نحن فيها اليوم ما هي ألا مخطط من مخططاته , هو نفسه واقع في شر أعماله , خيرا لنا ولك أن نتجنب هذا الوقوع , كنت أتمنى أن تعتذر نيابة عن المرحوم وأسرته وبطانيته للوطن وللشعب , وتتأسف على ما حل بنا من سياسات عمك ونظامه , وان تحترم ضحاياه الذين استقبلوك اليوم بحب ونسوا جراحهم والصواريخ التي كانت وعمك ترميهم بها .
اليوم لا مجال للاختيار بغير جبهة عريضة للدفاع عن الجمهورية بدولة ضامنة للمواطنة والحرية والعدالة , فيها الوطن هو المنتصر والمتفوق على الجميع بدولة النظام والقانون المرسومة بمخرجات الحوار ومشروع الدستور , وأي خلافات تحسمها إرادة الناس في الاستفتاء , الشرعية اليوم هي المظلة الوطنية لكل القوى المدافعة عن الجمهورية والثورة والديمقراطية ضد الانقلابيين الحوثيين , شرعية الرئيس عبد ربة منصور هادي ومخرجات الحوار الوطني و مشروع وثيقة الدستور
تجمعنا لاستكمال بناء هذه الدولة للوصول للانتخابات ليقول الشعب كلمته الفصل في مستقبل الوطن وشكل ألدوله وجوهر النظام والقانون ,ونتبادل السلطة بسلاسة وفن لنعيش في وطن يستوعبنا جميعا دون منغصات .
احمد ناصر حميدان