دفاع الشعب عن الجلادين واللصوص !

2018/01/14 الساعة 10:41 مساءً

 

  كل يوم إزداد يقينا إن مقولة الثلايا - رحمة الله  -  حقيقة ، وليست من نسج خيال القصص الشعبية ، التي ُتمجّد رموز المجتمع وتشيد بمواقفهم  ، ومن يشك في ذلك ؛ ينتقد أفسد مسؤول ، أو أقبح ظاهرة في المجتمع ، وسيرى كيف سينبري للدفاع عن هذا الفاسد أناس مسحوقين لا لهم في العير ولا في النفير ، حتى إنك ستظن من شدة دفاعه عنه إن هذا المسحوق الأجرب نائبا له، أو شريكه!  أما إذا انتقدت ظاهرة  سلبية ؛ فسيقرؤون بواطن ضميرك ، وسيفسرون نواياك التي لايعلمها إلا الله وحده ، وسيشرقون ويغربون بحديثك ليثنوا كلماتك عن معانيها ، ويفرقون الفاظك من مدلولاتها ، ولن يكلفوا أنفسهم  النظر إلى  مضمونها  .

لذا أطلقها  دعوة عامة للصوص المال العام ، وأرباب الفساد من المسؤولين  استمرو ؛ لا تخافوا من رقيب شعبي ، ولا حسيب رسمي ، فالمجال أصبح أمامكم مفتوحا ، والخط فارغا ، وما عليكم إلا أن  تشمروا عن سواعد الجد والاجتهاد ، وانهبوا  كل ما يقع تحت آياديكم  ، فلا ضمير سيأنبكم  لأن لاضمير لكم أصلا ! ولا جهة ستعاقبكم أو تُسائلكم ، لأن البلد تعيش فراغ اللادولة ، وتدار بالبركة ، ونية الوالدين !

 أما المجتمع فسيجعل منك أيها الفاسد  ناجحا يشار إليه بالبنان ، إذ سيرفعك العوام إلى مصاف العظماء الذين غيّروا سير التاريخ ، وأما النخب فسيتهافتون عليك كالفراش ؛ يعرضون خدماتهم عليك ، وبالأخص النخبة السياسية والإعلامية ، فالسياسية بعد أن أثبت جدارتك ، وارتقيت بأدائك اللصوصي عفوا  الوظيفي  ونلت   لقب حوت في فترة وجيزة ، فسيتم مُكافأتك بمنحك لقب هامور ، وبحصولك على اللقب  ستنضم إلى فئه الهوامير التي تتربع على صدارة مجموعة المليارات شريطة التزامك بقوانيين تقاسم الأرباح نهاية كل فصل من فصول الموازنة السنوية  .

أما نخبة الإعلاميين ، والكتاب ، ومعهم سُرّاق المهنة من المفسبكيين  سليطي اللسان والبنان ، سيتهافتون عليك كما يتهافت الفراش على الضوء ، والنمل على العسل ، يعرضون خدماتهم ، ومنابرهم لتلميعك ، ونشر إنجازاتك ومآثرك ، وماقدمته للمجتمع من إنجازات عظيمة قل أن  يجود الزمان بمثلها ، وسيحشدون الناس للوقوف خلفك ، و الاقتداء بك ، والتّأسي  بفضلك ، وصلاحك ، وستجد شريحةً من هؤلاء من سيتطوع معك دون سابق معرفة بك ، أوتطلب  منه ذلك ،  وسيسطر فيك المدائح التي ستجد نفسك على أثرها طائرا مزهوّا محلّقا في سماء  المجد والسؤادد ، وسيصنع لك آخرون تاريخا غير تاريخك ، وسيرةً غير  سيرتك التي عُرفت بها بين الناس  ، فحتى أمك التي لم تحسن تربيتك ، لن تعلم إن المقصود هو أنت؛ وسأحلف جازما إنها ستظن إن المسالة تشابه في الصور والأسماء فقط ، ولن تصدق  أبدا  إن المقصود هو أنت ، لأن العجوز تعرف فساد المنتج الذي صدّرته للمجتمع خلافا لمقاييس  ومعايير  الجودة - سامحها  الله - كل هذا سيكتبه عنك قبل أن يعرفك ، أو تطلب منه ذلك ، أما إذا تواصلت معه هاتفيا  أضمن لك أن ينزلك منزلة أولياء الله الصالحين ، أما إذا تجرّأت وفعلتها ، وتغلبت على شحك وبخلك ، وقهرت جشع نفسك ، وخطوت نحو أقرب مركز للصرافة وارسلت له مبلغا ولو زهيدا ؛ أضمن لك أن ينزلك منزلة أحد العمرين  ، عمر بن الخطاب أو عمر بن عبدالعزير ، أما إذا اجزلت له  العطاء ؛ أجزم  لك أنه سيقدمك  على الأخير ، ولولاء خوفه مما  سيناله من صفع  أحذية الغيورين  الذين سيشتاطون غضبا لأبي حفص لقدّمك على أمير المؤمنيين دون حياء أو خجل  .

   سعيد النخعي 
  عدن 14/ يناير / 2018م