موسى المقطري
ذات حديث مع أحد الأكاديمين حول الوضع القائم وتصرفات أتباع عفاش في المناطق المحررة ذكرني ببعض أحداث الحرب العالمية الثانية ، وهي الحرب الدولية التي بدأت في الأول من سبتمبر من عام 1939 وانتهت في الثاني من سبتمبر عام 1945، وشاركت فيه الغالبية العظمى من دول العالم في حلفين عسكريين متنازعين هما: قوات الحلفاء، ودول المحور، وشارك فيها بصورة مباشرة أكثر من 100 مليون شخص من أكثر من 30 بلدًا .
وبحسب الأحداث فبعد الهجوم الياباني على ميناء «بيرل هاربر» الأمريكي ، أصدر الرئيس الأمريكي وقبل أن يدشن حربه ضد اليابان أمراً باحتجاز جميع الأمريكيين ذوي الأصول اليابانية في مناطق عسكرية وبلغ عدد المحتجزين نحو 110 ألاف أُحتجز أغلبهم في المعسكرات على الساحل الغربي والبعض نُقل لأماكن أخرى من الولايات المتحدة .
وحتى لا نغرق في تفاصيل الأحداث فيمكننا القول ان أمريكا أدركت وقتها أن تحصين الجبهة الداخلية هي أول مستلزمات الحرب ، ومع كون من تم احتجازهم يحملون الجنسية الأمريكية لكن الحنين للأصل قد يكون سبباً يقودهم لأي أعمال عدائية تربك الجبهة الداخلية ، و أقلها القيام بأدوار تجسسية لصالح العدو .
يمكننا القول أن القرار الأمريكي كان قراراً عسكرياً بامتياز ، والقرار العسكري في الغالب لا يتقيد بكثير من المحددات التي اعتادتها الدول الديمقراطية في حال السلم .
وعودة لوضعنا اليمني فقد شكل اتباع صالح رديفاً قوياً للحوثين في الانقلاب على الشرعية والحرب على اليمنين في جميع انحاء الوطن بلا استثناء ، ووفروا لمليشيا الحوثي الدعم العسكري والغطاء السياسي ، وعززوها بشرياً ولوجستياً ، كما عملوا كمخبرين في المناطق المحررة ، وجلادين وقتلة في مناطق سيطرة الحوثيين .
بعد انتهاء شهر العسل مع هذه الجماعة وما نال زعيمهم من بطش وقتل بطريقة شنيعة تحولوا بين ليلة وضحاها إلى مناضلين ضد الحوثي وارادوا استثمار الحالة العاطفية التي تلت مقتل عفاش للعودة الى الميدان كفاعلين من جديد لكن من المناطق المحررة ، وتحت عناوين مشبهوهة في محاولة لطمس معالم جريمتهم الشنعاء ضد الوطن والشعب .
الان وقد "ذهبت السكرة وجائت الفكرة" يجب ان تتغير معاملة الشرعية مع هؤلاء ، وما تلا مقتل عفاش من تعاطف في لحظة انسانية لايجب ان يستمر ، ويكفي اتباعه اربعين يوما لنعاطف معهم وجاء الوقت لنتعامل بما تقتضيه المرحلة ، وما تمليه حالة الحرب القائمة مع مليشيات الانقلاب الذين هم جزء منها ، ولم يتركوها مختارين إنما خوفا على انفسهم من بطش حليفهم الحوثي بهم .
لست ادعو هنا لجمعهم في معسكرات اعتقال او التضييق عليهم لكن ادعو لمنعهم من ممارسة اي نشاط سياسي ، والزامهم باحترام كل ما يتعلق بالشرعية وأهمها المؤسسات القائمة وتضحيات الشهداء والجرحى الذين ازهقت ارواحهم أو جرحوا على يد هذا الحلف الانقلابي الذي كان اتباع صالح جزء أصيل منه .
ليس من العدل والانصاف ان يقيم هؤلاء فعاليات لتأبين القاتل بجوار منزل الشهيد ، ولا ليتباكوا على زعيمهم المقتول من حلفائه القتلة أمام الجريح ، أو بحضرة المطارد من قبل تحالفهم المشؤوم ، ومن السذاجة ان يطالبوا بإنشاء معسكرات تحت سيطرتهم ، وتسليمهم الأسلحة وقد سبق ان وهبوها لمليشيات الحوثي لتقتل بها اليمنيين .
لا مكان لهؤلاء إلا أن يظلوا بعيدا عن اطماعهم هذه ، وحين تنتهي الحرب ونستعيد ما تبقى من الوطن فلهم الحق بالعمل السياسي كمواطنين ، أما ونحن لازلنا في حرب مع من وفروا له أسباب الانقلاب فيجب ان تتعامل معهم الشرعية بأعراف الحرب لا بقوانين السلام .
دمتم سالمين .