التدهور الاقتصادي وانهيار العملة هي نتيجة طبيعية لفشل سياسي على الأرض , فشل القوى السياسية المؤثرة في أن تكون شريك فعلي في دولة لن تستقيم دون تلك الشراكة , دولة بشخصيتها الاعتبارية الحكومة .
حكومة مطالبة بالكثير وتفتقد لشراكة القوى الفاعلة على الأرض , حركتها محدودة , وهناك من يتربص لها ويقيم الحواجز والمعوقات في طريقها .
ثلاث سنوات منذ أن تحررت عدن , والصراع السلبي مسيطر على المشهد, مليشيات لا تريد أن تكون دولة , مكونات تبحث عن نجاح في إفشال الدولة , تريد ان تكون البديل لفرض قناعاتها , كيانات متناحرة , تتفق على إضعاف الدولة لتبقي على مصالحها وما اكتسبته من الحرب , أي دوله داخل الدولة وتنخرها .
انجر البعض مخدوعا لمسيرة الانهيار , تحت شعار التحرير والاستقلال , فرط بالعقل وضاع منه المنطق , سيطرة عليه أحقاده ضغائنه , كان صيدا سهلا للانقياد واللهث خلف الأوهام , حقنوه فتحول لكتله تبث سموما وفساد أخلاقي وأنساني ومفاهيم هدامة , مرتكزا على الكراهية وتغذيتها , اعتقد انه سيكون في مأمن منها , اليوم يتجرع الجميع ثمارها , ثمار أضعفتنا ,فتهنا عن الحق , لننجر خلف باطل , شوه قضيتنا وأفرغ عدالتها , النتيجة اليوم فقدان السيادة والاحترام والكرامة , انهارت العلاقات والسياسة والاقتصاد والريال , واقع أنتجته سلوكيات وثقافة رفض الشراكة والأخر .
ما نعانيه اليوم غياب النظام والقانون , ومعايير ضبط إيقاع الحق , فوجدنا الباطل يزهو وصوته مرتفع ببجاحة , وجدنا الثرثار يزعجنا بهرج ومرج , ليخفي الحقائق ويروج للإشاعات , كل هذا في غياب الوعي والعقلانية , و طبول المناطقية تسمع حينما نتأزم لترقص أشباح البشر على أنغامها , كل مشكلة لابد ان تكون بداية لسلسلة من المشكلات والفتن , رباه أي خيرا سنحصده وقطار الحقن المناطقي الأعمى بلا فرامل ويسير بوثيرة الكراهية دون توقف يمزق النسيج ويؤجج الصراع ويفرمت العقول , وضع كهذا رافض للديمقراطية والتعايش والتوافق وقبول الأخر يسعى لصراع طويل الأمد والانهيار .
لا نستغرب من سقوط الريال وانهيار الاقتصاد , فقد انهارت بيننا جسور الثقة , لا نستغرب فقدان السيادة , فقد تمكنوا من بسط سيطرتهم على الأرض , بأدوات منا وفينا , أنها نتائج حتمية لاختيارات ومواقف غير مدروسة وغير عقلانية , وجدت لنفس الهدف والوصول لذات النتيجة .
أضعنا الفرص , لنصطف حول كيان دولة , لنكن رجال دولة بثقافة دولة ومؤسسات نظام وقانون , الأفراد زائلون في أول انتخابات نفرضها بنزاهة , لتحكمنا إرادة الناس , والنظام والقانون ينظم العلاقات ويضبط إيقاع الحياة والخلافات والاختلافات , لنفرض واقع محترم عادل للجميع .
الشرعية هي شرعيتنا , وأدواتها هي مننا وفينا , أن اقتربنا منها وتناغمنا معها يمكن أن نؤثر فيها لنكن القوة ألدافعه لأدائها , لنعمل من خلالها , لا نتركها للمغرضين والفاسدين , هذه هي المسئولية , العمل من خلال مؤسسات الدولة ذاتها,حيث ضمان النجاح .
الشعور بالندم هو تقييم للذات , والاستشعار بضرورة أن يكون الفرد شريكا ايجابيا فاعلا في المجتمع ,للبحث عن طريق للنجاح , لنبتعد عن السلبية والانجرار خلف المماحكة والصراعات التي تدمر جسور الثقة , طريق الفشل المدمر للجميع .
احمد ناصر حميدان