تحية وإجلال للرعيل الأول لتربويي جمهورية اليمن الجنوبية الفتية ما بعد الاستقلال كامتداد لما قبل الاستقلال , حتى او خر السبعينات,على ما تركوه لنا من إرث ضخم من الكوادر الفتية بفعل تضحياتهم الجسام، حينما كانت عدن القلب النابض للعلم والمعرفة , تضخ فيه الروح في شرايين الجسد الوطني جنوباً وشمالاً، فارتوى كل عطشان معرفة ومحتاج معلومة , تجند أبنائها في كل جبل ووادي وصحراء وجزيرة وقرية ومدينة، يُعلمون أبجديات اللغة وأولويات تفتح العقل والتفكير والمنطق ،لاجتثاث التخلف والجهل والمرض , في أحلك الظروف وأصعبها في مناطق نائية تفتقر للحياة الطبيعية للإنسان، كانت هناك ضحايا لصراعات الشطرين ومرتزقة الحروب، هذه عدن التي نسوا وتناسوا تضحياتها، هل تستحق عبثهم اليوم؟!.
رعيل احترق لينير عقول أجيال وأضاء مرحلة مهمة من الحياة، اقتنع بالقليل وقدم الكثير، وانتفع بعلمه وترقى على أكتافه في مدارج نصف قرن جيلا يتلوا جيل، وبقى في الظل صامت مظلوم مبتسم، فقير براتب لا يكفيه ولا يفي بمتطلبات الحياة المعيشية، منتظر الإنصاف، عسى وعلا , أن يمتن له احد تلاميذه ممن وصل لمصدر القرار لينصفه ويعطيه حقه، وفاء وعرفان بالجميل، ولازال ينتظر.
أخاطبكم كفرد من هذا الرعيل، تلاميذنا اليوم في مفاصل السلطة محلية وأمنية وحكومة بل بعضهم على رأسها، أن كانوا يتذكرون دورنا في تربيتهم وتعلمهم والجهد المضني في توجيههم، نعرفهم ويعرفوننا بالاسم، فهل يبادلوننا نظرات الحب والاحترام والوفاء، أخبارنا في كل مكان وعلى كل لسان و يشار لنا بالبنان، أن حضر أحدهم يوم استلام الراتب في إدارة التربية عدن، قد يجد معلمه يسير بعكازه أو على كرسي متحرك أو يترنح ويخطوا ببط , سيرى وجوههم الشاحبة واثر أمراض الشيخوخة والزمن، ليستشعر الأسى في نظراتهم والظلم الذي أحاطهم، سيتذكرهم ويتذكر طفولته وعنفوان شبابهم , سيخاطبه ضميره , والدور الرئيسي فما وصل له من علم وجاه وسلطة , وحالهم اليوم و وضعهم المادي والمعيشي في هذه الحياة البائسة ؟!!
نحن لا نتوسل، ولكننا مظلومون في حقوقنا ومستحقاتنا، مظلومون في رواتبنا، مظلومون ظلم الزمان والمكان، ظلم السلطة والإدارة والحكومة والمحافظة والنقابة، مظلمون من كل مكان، ومهملون وغير معنيين اليوم للجهات ذات العلاقة، ومتى اهتموا ويهتمون بغير حالهم و وضعهم , ونحن كرعيل نتساقط أفراد بفترات متقاربة ,مرضى يموتون بسبب فقرهم وعدم مقدرتهم على العلاج، من له نصيب في العزاء ومعظمهم منسين حتى من العزاء، هذا هو حالنا !.
مشكلتنا معروفه وكتبنا عنها كثيرا، يفترض بنا أن نكون متقاعدين بكرامة، أن نتقاعد بشهادة شكر وعرفان تكريما، بعد أن تسوى أوضاعنا المعيشية من تقييم الراتب والعلاوات السنوية ودرجات وظيفية مستحقة في حفل بهيج وتصفيق واحترام وإجلال، هذا حلمنا البسيط، والحقيقة أننا محرومون من كل ذلك محرومون من حقوقنا ومستحقاتنا، لا نعلم ما هو وضعنا موظفين أم متقاعدين مع وقف النفقة، لم يعد صندوق التأمينات والمعاشات قادرا لاستيعابنا، رواتب متدنية لا تواكب الحياة المعيشية، الغلاء وارتفاع الأسعار وهبوط العملة، لشراء الأدوية والعلاج،تجاوزنا الأجلين وما بعد الأجلين بحدود العشر سنوات بتفاوت , البيروقراطية الإدارية والفساد سبب ما نحن فيه، الله لا سامحهم، واليوم نسمع من رئيس الوزراء عن موازنة جديدة هل ستشمل مستحقاتنا ؟، أو ستنسينا وسنبقى منسيين حتى يأتينا الأجل ويتولانا الله برحمته وحينها سنرتاح وترتاحون من مطالبنا، وأتمنى أن لا تنسونا في دعواتكم وصلواتكم، وتذكروا دائما أثرنا كل يوم وبصماتنا , واعتبرونا منحوتات أو مستحثات جيولوجية موغلة في القدم تلمعونها وتزيلون عنها الأتربة في متحف حياتكم وحياة ذريتكم كمجتمع يقدس التاريخ .
احمد ناصر حميدان