لا يمكن أن ننهض دون منهجية قوتها صراع الأفكار عصارتها فكر جديد يدفعنا قدما للأمام نحطم فيه قيود التعصب والتعالي الفكري والجمود العقائدي والشمولي , لنتخلص من التعصب وفق منطلقات مناطقية ودينية ومذهبية , لننفتح لمبادئ وأسس الديمقراطية وحرية الرأي والتعدد السياسي والفكري, و للوصول لاستحقاق وطني وانتخابات نزيهة وصندوق يعبر بصدق عن إرادة الناس .
دون هذه المعايير لا يمكن أن ننهض , سنظل نراوح مكاننا ونعيد إنتاج مأسينا ونجدد من صراعاتنا ونؤجل خلافاتنا كم فترة زمنية لتتفجر بقوة مرة أخرى لتعيدنا لنقطة الصفر , هكذا يريدنا البعض أن نبقى .
لم يكن الحوثي في شمال شمال الوطن قوة ثورية , بل هو قوة مذهبية عنصرية تستند على الحق الإلهي في التسيد على عباد الله , استغلت الحراك الثوري وانخرطت فيه , وعزفت على ما لحق بها من ظلم مستبد احتمى بالطائفة ليبقى حاكما , وهي ترى انه غير مؤهل في تمثيلها ( إمام ) وترى أن سيدها هو صاحب الحق في ألإمامه , وتقبلتها مناطق الطائفة فالتهمته .
صدقها البعض واعتبرها حالة ثورية , واكتشف حقيقتها كفكر طائفي وعنصري يتغلغل في الوسط الاجتماعي ويعيد أدلجة البنية الاجتماعية للوطن , لكن بعد أن تمكنت من مفاصل السلطة واستأثرت بالقوة , واكتشف متأخرا انه ضحية .
للجنوب واقعا أخر وثورة شعبية حقيقية لا غبار عليها , ترفض الاستبداد والتسلط والهيمنة , مبادئها حرية عدالة مساواة , دولة ضامنة وديمقراطية وتعددية , شراكة ورفض الوصاية والضم والإلحاق , قضية سياسية اجتماعية ثقافية فكرية , ترفض الطائفية والمناطقية والمذهبية , قضية إنسانية وإشعاع وتنوير , كل من يحاول الانفراد بها لتكن قضيته الخاصة بتضييق افقها و تقزيمها , سيختلف معه الكثير .
لا يمكن أن يتقبل الجنوب , استئثار طرف فكري وسياسي أو مناطقي به , استهلكته الزعامات والتسلط والسيادة والقادة كإفرازات الحرب , معانات الجنوب اليوم , الجنوب يطمح للنظام والقانون للقيم والمبادئ , وترسيخ مؤسسات الدولة الضامنة للمواطنة .
كم من المغالطات لجر الناس لما لا يحمد عقباه باسم القضية , وأحلام وطموحات البسطاء واللعب على وتر المناطقية , وفشل نظام الوحدة اليمنية , بعضهم يعتقد أن التاريخ يمكن أن يعود للوراء ويعود الجنوب بأدواته كما كان في السابق , دون التفكير المنطقي بالتغييرات التي أحدثها مجرى التاريخ , تغيير الأدوات واللاعبين على المشهد ,ما كان بالأمس مقبولا يرفض اليوم والعكس , وقراءة المشهد توحي بفقدانه لأدوات الدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة , معظم اللاعبون اليوم غير جديرين بذلك , سلوكياتهم وثقافتهم وتعاملهم مع الأخر برهن جلي , اليوم تتصدر المشهد الطائفة والمنطقة والتعصب لهما بالعنف , والرهان على مليشيا مسلحه لا تخضع للدولة تخضع لكنية (أبو عزرائيل ) , ويا للأسف ممن يعتبر نفسه اليوم ممثلا وحيدا يتحدث باسم الجنوب وقادر على التحكم بالأمور لا سمح الله أن انفلتت فهو واهم , الانفلات القادم سيكون كارثة بكل معانيها , تفوق كارثة الحوثي وانقلابه , وستطفو على السطح قوى لم تكن في الحسبان , من سيتحمل المسئولية ؟! غير من دفع بالأمور لهذا المنحى الخطير .
لا مجال اليوم غير وحدة الصف الجنوبي تحت راية الشرعية , لإتمام المهمة التاريخية وترسيخ أدوات الدولة التي تضمن للجنوب والشمال معا حق تقرير المصير , بعد أن يكون قد تطهر المشهد من إفرازات الحرب وأدوات اللادولة , ويكون قادر على استيعاب ما قد يحث من تغييرات تفرضها إرادة الناس في صندوق انتخاب حر ونزيهة .
احمد ناصر حميدان