القوى الغبية هي من تدفع بالفوضى , حينما لا تميز بين الفعل الثوري والعمل السياسي , الفعل الثوري فعل أنساني لتغيير الواقع يتميز بالنقاء والطهارة مجرد من الأهواء والأغراض والأنانية ينتج لفعل سياسي .
واقع اليوم عملية سياسية لها أحكامها, عملية إعادة بناء وترميم أركان ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني بعقلية سياسية بعيدا عن الشطط والحماس الثوري الذي تجاوزته المرحلة , نتيجته فوضى , وهذا ما هو حادث اليوم من قبل بعض أطراف المشهد السياسي واقتحامها لمبنى اتحاد عمال عدن .
مجموعة من الشباب المتحمس ومندفع النوازع والطموح , يستخدم دون وعي ورؤية واضحة , للضغط سياسيا بأفعال ثورية , ليعود بنا لمربع الفعل الثوري في ظل فعل سياسي وتلك هي العقلية الفوضوية التي تصطدم بالواقع السياسي وتفشل .
فشلها في السيطرة على هذه المؤسسات دون وجه حق , والاستئثار والاستحواذ بها وإقصاء وتهميش قيادتها المنتخبة أو المعينة وأصحاب الحق بطرق غير قانونية .
نعم نحن بحاجة للتغيير , تغيير الأدوات كأفراد , لتجديد نسيج هذه المؤسسات , تغيير النظام القديم بقوى جديدة من شباب متطلع واعي قادر على استكمال المسيرة بما يواكب العصر والمرحلة وأهداف الثورة وتطلعات الناس .
هذا التغيير له مسالكه , خاصة في منظمات المجتمع المدني كالنقابات , منظمات لها استقلاليتها وشخصيتها الاعتبارية , ولها وثائقها وهيكلها التنظيمي والرقابي ,ولعدن عراقتها في هذا المجال باعتبارها السباقة في المنطقة , الدورة الانتخابية الشاملة هي الوسيلة القانونية الوحيدة لانجاز ذلك , تبدأ من القاعدة حتى القمة , بنزاهة وشفافية , دون تدخل أطراف العمل السياسي .
اقتحام مبنى اتحاد عمال عدن , هو جريمة أركانها ومعالمها واضحة
الزج بالنقابات بالصراعات السياسية , ومحاولة طرف سياسية السيطرة على هذا الكيان العريق والمعبر عن تاريخ وحضارة عدن ونشاطها الاجتماعي والسياسي , فيه ترعرعت ونمت الحركة الوطنية والسياسية ثم انطلقت لتجوب رحاب الأرض اليمنية , هو الأصل , والبقية فروع , وسيظل الأصل ولا يقبل أن يكون عربة يجرها طرف سياسي لخدمة نوازعه وأطماعه السياسية .
نتساءل من هم هولا الشباب ؟, هل هم يمثلون الحركة العمالية في عدن , وهل هم أعضاء في اتحاد عمال عدن ؟ أو أعضاء في احد المنظمات النقابية القاعدية المنطوية في عضوية هذا الاتحاد ؟, بأي صفة قانونية يقتحمون المبنى ؟ .
من حق المنظمات المنطوية فيه أن تتقدم بطلب دون تجاوز الهيئات والدوائر القانونية وأدبيات و وثائق العمل لعقد دورة انتخابية في وضع سوي لتغيير قيادته وهياكله و وثائقه , غير ذلك ضرب من الجنون يدفع للفوضى .
نحتاج البحث عن الأسباب والدواعي والدوافع لهذا التصرف الطائش , ومن هي الجهة التي تقف خلفه , لتجنب المزيد من الفوضى والعبث بعدن وتاريخها ومؤسساتها ومنظماتها .
تتحمل الجهات ذات العلاقة بأمن عدن وتطبيع الحياة فيها ولجنة التهدئة والتحالف , وشركاء العمل السياسي , ضبط نشاط العمل السياسي وترشيد حماس الشباب لما يخدم الصالح العام وخدمة عدن والجنوب والوطن , بعيد عن إثارة النزعات والفوضى لتعكير صفو الحياة وعدن التي لا تحتمل المزيد .
كلنا مع دورة انتخابية شاملة للحركة العمالية في عدن , لتجديد نسيج هذه الحركة لما يواكب التغيير والمرحلة تبدأ من القاعدة للقمة والعمال هم وحدهم من يقرر مستقبل وهيكل هذا الكيان النقابي العريق , ويحاسب ويعاقب ويعالج الاختلال إن وجد .
احمد ناصر حميدان