كثيرا من الشباب يتعرض لتغرير متأثرا بالشحن الإعلامي والحشد ضد الأخر , فتجد هم شباب مشحون عصبية و مغالطات , مبرمج تعبئه خاطئة عن المفهوم الحديث للثورة في عصر التكنولوجيا , الثورة كفرة تغيير للواقع ليواكب العصر , ثورة تنتشلنا من وحل الصراعات السلبية لتنقلنا لصراع الأفكار, وعصارة الرؤى لنتجاوز العصبية والجمود الفكري والعقائدي الشمولي , لننفتح لمبادئ وأسس الديمقراطية وحرية الرأي والتعدد السياسي والفكري , لننهض بوعينا للقبول بالأخر والتعايش , باستحقاق وطني وانتخابات نزيهة وصندوق يعبر بصدق عن إرادة الناس .
شباب أوهموهم , بفكرة الثورة على أنها تيار جارف من حقه تجريف المجتمع والمؤسسات من أدواتها وكوادرها ومنظمات المجتمع المدني من أعضائها , ليستأثرون بها , تم تعبئتهم بمفهوم الثورة التي تلغي الآخرين ولا تقبل التنوع والاختلاف , هم الممثل الشرعي والوحيد للوطن , من حقهم الاستحواذ على كل شي وإقصاء كل من يعارضهم ويختلف معهم بتهم الخيانة والتأمر , وشماعة تهم اليوم هي الإخوان( الإصلاح ) أو أحزاب الاحتلال اليمني ( الأحزاب السياسية ) أو الدواعش , والدحابشة , كصورة مكررة للديكتاتور والمستبد , ونسخة طبق الأصل للاصطفاء الإلهي الطائفي والمناطقي , بإيعاز من وغد طماع يديرهم ويمؤن أنشطتهم عن بعد , بارتهان قذر ومشاريع أنانية
هو امتداد لذلك التيار الذي جرف المجتمع اليمني في الجنوب على مدى خمسون عام من تنوعه واختلاف أفكاره وتعدد ثقافاته , توهم انه قادر واصطدم بالواقع الذي جرفه بعيدا عن وهمه , وهكذا انتقلنا من وهم إلى وهم ومن نصر إلى هزيمة , لا المهزوم زال ولا منتصر استمر , تلك هي العقلية الواهمة والغباء المتأصل للاستمرار في مسار الفشل وتكرار كوارث الآخرين .
إلى أين تجرنا هذه العقلية , التي تعيش وهم اجتثاث الآخرين , والرهان على العنف في النصر على من يخالفها , لا تتعلم من الفشل , ولا تستخلص الدروس من العبر , عقلية عصية على التغيير والوعي .
مجرد ما أن تدخل في حوار مع هذا النوع من العقلية , تقع في أزمة ثقافية وفكرية , تصيبك بالرعب من المستقبل الذي تقودنا إليه تلك العقلية .
عقلية ترفض العمل المؤسسي , وأدوات البحث العلمي والدراسة لقرارات المصيرية , وتراهن على الأفراد والاصطفاف المناطقي والطائفي , الوطنية وأمال الناس شعارات للاستهلاك السياسي , عقلية مرتبطة بالماضي ورداءته تعكر صفو الحاضر لتستحوذ على المستقبل لفرض كيانها المستبد كواقع على الآخرين تقبله , أو أنها مجرد جماعة منفلتة لا تحكمها قيم ولا مبادئ تحكمها أطماعها .
مجرى التاريخ كفيل بتجاوزهم , يشق طريق التطور والنهضة متجاوزا الماضي وأدواته , والمتمسكين به , أنها سنة الكون المتغير دوما لمواكبة العصر ونهضة الأمم , العقلية المنفتحة والفطنة هي القادرة على أن تكون جزءا من الحاضر لتنتقل للمستقبل المأمول .
احمد ناصر حميدان