ست سنوات منذ أن فوض الشعب فخامة الرئيس في 21 فبراير 2012 م في أول انتخاب تفرضها ثورة شعبية بإرادة حرة للجماهير , كرئيس توافقي لمرحلة انتقالية عامان لتحول منشود للدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات .
في وضع مأزوم ومشحون , يسوده التخلف والتعصب , وتتفوق فيه المصالح الضيقة والأنانية والنفوذ , و وهم الحق التاريخي والإلهي للحكم , حكم المركز المقدس والتوريث الذي ضاق به الناس ذرعا لسنوات , وأرادوا كسر هذا التسلط وتلك الهيمنة الراسخة في ثقافة وذهنية قوى ذلك المركز لمئات السنين , مهمة صعبة وعسيرة , وتحيط بها المؤامرات من كل جانب شمالا وجنوبا .
رهان النجاح تلاحم القوى الوطنية لدعم الرئيس , في الجنوب قبل الشمال , عامان يستند على ذلك التلاحم المرهون بالزخم الجماهيري للتصويت ,و وراء الأكمة ما وراءها من مؤامرات , فككت هذه القوة الشعبية وأطالت من عمر المرحلة الانتقالية بسبب انهيار الوضع , وانجرر البعض لتلك الهاوية بحثا عن ما هو اصغر يحميهم وترك المهمة الكبرى لغيرهم , و وهم العنف لفرض أمر واقع يخدم أطماعهم المريضة ,وبكل أسف شركاء في النجاح وغير مستعدين للتضحية .
لم يكن الرئيس يملك العصا السحرية ليعالج مشكلات 50 عاما من الانهيار , واقع مثقل بالمشكلات العصية , اللحمة مهددة والهوية على كف عفريت , والوحدة متهمة , والقوى السياسية كلا يجرم الأخر ,والشعب محروم والحقوق ضائعة والفساد مستشري , ومطلوب من الرئيس إعادة ترتيب هذا البيت المهدد بالسقوط , والحرص على تهدئة النفوس وتقارب الرؤى وتفكيك بؤر التوتر والانفجار , وإطفاء الحرائق , ليكن على مسافة متساوية من كل الخصوم , ولم يسلم من عقلية المؤامرة .
عقلية المؤامرة التي دفعت البعض للتأويل الضال فيصرفون الحقائق عن وجهها , تأويلا فاسدا بكبر جر من ضلا بضلالهم لتأويلات , ونسج حكايات تشبع قناعات ورغبات وأحقاد وضغائن وثارات لها مئات وعشرات السنوات , بصورة ذهنية مسيطرة في الذاكرة المشبعة بتلك الصراعات والماضي المشحون , عصية على التغيير والتضحية , طغت التأويلات و مالأت سلبية على أي هدف ايجابي للدفع نحو مزيد من الصراع والتناحر والفشل والهزيمة , والحرب .
عقلية ترى في الأمور قشورها بتفكير سطحي ونظرة أنانية تخدم الذات والرغبة على حساب الحلم والطموح والقضية , نحن امة عاطفية نتصرف على عجالة , دون أن ندرس اختياراتنا ومواقفنا بحنكة وعقلانية , لم يجد الرئيس في صفه غير البعض , كمواقف واختيارات مشرفه للوصول لهدف سامي و وطني يخدم قضيتنا وامتنا , بعيد عن الشطط والنط على الواقع , والبعض الأخر كتلة من الحماس والشطط المعيق لعملية التحول , غلبتهم مشاريعهم الصغيرة , و أوهام تسلط وهيمنة , والحشد والتصفيق والزعامة , ومشاريع طائفية ومناطقية وأمراء حروب , ومليشيا تقوض سلطة الدولة وتحركات الشرعية ,وارتهان وتبعية , وفقدان للسيادة والاستقلال , بل لضرب الشرعية بمقتل .
لازالت الفرصة مواتيه وسانحة لتصحيح المسار واستعادت الخيار واستقلالية القرار , لنكن قوة واحدة رافعة للشرعية كقيمة ومبدأ بقيادة فخامة الرئيس لينتصر وطن وترسيخ مؤسسات الدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات , التي ستحقق أمال وطموحات البسطاء والأقاليم في الاستقلال والتحرر من الهيمنة والتسلط للمركز والتوزيع العادل للسلطة والثورة بإرادة شعبية وصندوق انتخابات يقول الشعب كلمته الفصل في تقرير مصيره وتجديد نسيج مؤسساته والتبادل السلمي للسلطة بسلاسة وشفافية وديمقراطية شعبية .
احمد ناصر حميدان