{ }
لا يمكن مطلقاً أن يقبل شعب الجنوب بتبني قضيته الحقوقية فصيل مليشياوي مهما حمل من مسميات مثالية ( المجلس الإنتقالي ) .. فشعب الجنوب إنتفض برُقي ورفع صوته عالياً ليطالب بحقوقه المسلوبة من قِبَل النظام السابق ، فكانت إنتفاضته السلمية الراقية والمتميزة هي الشرارة التي إندلعت من خلالها ثورة الشباب السلمية في كل أصقاع اليمن والتي أطاحت برأس النظام السابق وخلعته إلى غير رجعة .
كنا نقول في السابق ولانزال نقول أن هناك فصائل حراكية سلمية ، وبالمقابل كانت هناك فصائل حراكية مسلحة مدعومة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني ، فالأولى إختارت نهجها بمطالبتها بحقوق شعبها بأسلوب حضاري سلمي متميز يعكس حضارة ورقي الشعب الجنوبي ، أما الفصائل الأخرى ركبت الموجة وأظهرت مدى همجيتها وإسترزاقها فذهبت لإيران طالبة دعمها وهي في الحقيقة ذهبت بنوايا إستثمارية بإسم القضايا الحقوقية لشعب الجنوب .
عندما دعا فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي لحوار وطني شامل وطلب من قيادات الحراك السلمي المشاركة في هذا الحوار لبوا النداء وشدوا الرحال لصنعاء حاملين معهم مظلومية شعب الجنوب وحقوقه المشروعة ، فدأبوا على إبراز كل مظلوميات شعب الجنوب رافعين أصواتهم بكل قوة بإيحاء من فخامته ، وفي هذه الأثناء كانت الفصائل الجنوبية المسلحة تنشئ معسكرات مليشياوية لتدريب شباب الجنوب المغرر بهم ، وإنتهى الحوار الوطني بإنتصار عظيم لشعب الجنوب بتلبية كل مطالبه الحقوقية ، وكان أبطال هذا الإنتصار تلك القيادات الحراكية الأصيلة ، ولا ننسى أن نذكر جهود فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي كان يحمل على عاتقه هموم ومظلوميات الشعب الجنوبي من قبل الإنتفاضة الشعبية لهذا الشعب العظيم .
فصائل الحراك الجنوبي المسلح ( المجلس الإنتقالي ) لا تزال تمارس ماضيها البغيض حتى بعد أن أُعطيَت لها مناصب حكومية في الحكومة الشرعية ، فأثناء توليها المناصب تناست بأن لديها شعب أشعل ثورة سلمية فتية ليطالب بحقوقه من نظام ضالم ، فمارست الفساد والنهب والسرقة وليس ذلك فحسب بل ذهبت لأسوأ من ذلك فأقصت كل قيادات الحراك الجنوبي السلمي من المشهد وكان البديل بنوا جلدتهم وقراهم ومنحتهم مناصب قيادية وريادية دون غيرهم .
عندما تمادى هؤلاء الطغاة والبغاة في فسادهم ولصوصيتهم للدرجة التي شعر بها شعب الجنوب بأن النظام السابق كان أرحم به منهم حينها شعر فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي من وجوب خلعهم وهكذا فعل فخامته فخلعهم .. ولكنهم عادوا إلى غيهم وإلى ممارسة تجارتهم بعد خلعهم وكانت سلعتهم هي نفسها القضية الجنوبية التي أخرجوها من مخزنهم ونَفَّضوا عنها الغبار ولمعوها مرة أخرى وإختاروا إسم تجاري جديد لهم وهو المجلس الإنتقالي الجنوبي .
كان الداعم هذه المرة هي قوى خارجية طامعة في ثروات جنوبنا الحبيب ، فمدتهم هذه القوى بالمال والسلاح وأنشأت لهم معسكرات لتستخدمهم كأدوات في محاربة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وإرباك المشهد في المناطق المحررة حتى لا يعود فخامته والحكومة الشرعية لممارسة مهامهم من العاصمة عدن وبالتالي لن تعود سفارات دول العالم لفتح سفاراتها ولا المنظمات الدولية بكافة إختصاصاتها .
الفرق بين فصائل الحراك الجنوبي السلمي الأصيلة وفصائل الحراك المسلح والذي تحول لاحقاً لإسم المجلس الإنتقالي هي الآتي : الأولى لديها إيمان رباني بأن حقوق شعبها لن تتحقق إلا بنضال سلمي لا يرافقه سلاح صغر أم كبر لحقن دماء الجنوبيين والحفاظ على أرواحهم ، أما الأخرى فلا يهمها كل ذلك والدليل على ذلك هو المحاولة الإنقلابية الفاشلة في أواخر يناير الماضي والذي راح ضحيتها مئات الجنوبيين مابين قتيل وجريح بحجة إسقاط الحكومة ، والملاحظ في دعوة إسقاط الحكومة أن هناك المئات من الوجوه الغريبة الوافدين من القرى إلى المحافظة عدن مدججين بأسلحتهم هم من هجم على المعسكرات ومجمع رئاسة الوزراء والمجمع القضائي ولم يشارك في دعوة إسقاط الحكومة قاعدة وقيادات الحراك الجنوبي السلمي ولا حتى أبناء عدن السلميين ، وكانت النتيجة هي بقاء الحكومة وسرقة كل محتويات المجمعين القضائي ورئاسة الوزراء وبيعهم في أسواق العاصمة عدن بأثمان بخسة .. وللحديث بقية .
علي هيثم الميسري