تأكيدا لمقولة المفكر والسياسي الحصيف الرفيق السفير الدكتور ياسين سعيد نعمان, الانتقام مشروع تكسير استعادة الدولة, بل هو بذرة الشر التي أنتجت أوجاعنا , و وسعت الشروخ الوطنية والاجتماعية , هو المصيبة التي أصابتنا وأصابت مجتمعنا في عدن والجنوب والوطن , من تفسخ لكل شي سياسيا وثقافيا واجتماعيا, فقوض ثورة وطموح وأمل يفترض أن تنتشلنا مما نحن فيه , ثورة كرامة وحق وعدل , لنستعيد أرضنا المستباحة , ومدينتنا المكلومة , من براثن منظومة الفساد والاستبداد والاضطهاد , ثورة قادها الشرفاء , وتصدى لها حينها الجبناء , أذناب تلك المنظومة , تعرفهم عدن ويعرفهم الجنوب , من 2007 م قوافل من الشهداء والجرحى , في الذاكرة محفوظة , حتى وان خبأ وهج الثورة , وتغيرت معالمها , وفقدت عدالتها , وتم العبث بالذاكرة , لترتدي روح الانتقام , والخصومة الفاجرة , لتشرعن حق تشكيل مكونات طارئة مليشيا عنف تفرض واقع أخر لا يغير شي من واقع رفضناه بل يعيد إنتاج ما هو أسوء ,ليتصدر المشهد أذناب وسوابق وحثالات تلك المنظومة , ليزداد الألم ألما والوجع وجعا , بمزيد من الكوارث والتفسخ السياسي والاجتماعي والثقافي والأخلاقي , حتى صدمنا بجريمة اغتصاب ( مخيم الأفارقة ) كتفسخ أخلاقي يهدد الحياة والعلاقات والمستقبل , وأكثر إيلام أن يحدث في عدن .
الانتقام لا ينتج لنا سلطة شرعية عقلانية وإنما أفراد غاضبون , خطورته عندما يتحول لثقافة وسلوك ليمارس في سياقات أخرى مما يختل النظام الاجتماعي الوطني برمته .
الانتقام يخدم المستبد بتفكيره السطحي يأخذ بقشور الأشياء دون أن ينفذ للجوهر، يكتفي بتناول المظاهر من زاوية الانتقام , بجوانب هامشية , وفق الصورة الذهنية التي أوجدها الانتقام , يفقد العقل القدرة على التعمق في التحليل، والغوص في مختلف الأبعاد، يضعف ملكة التفكير فيختل , وبالتالي ينجر المنتقم للعنف و وهم فرض واقع التسيد والهيمنة , ليتمادى بالتفكير باجتثاث الأخر ,دون وعي واستنباط العبر من دروس الماضي , والانتقام كظاهرة انتحار عرفها العالم , وراح ضحيتها أوطان وأمم مثقلة بالتراكمات والثارات والخصومة القاتلة .
كان رهاننا على المثقف, باعتبار الثقافة مسئولية والتزام , تكوين فكري ووضوح منهجي , انتصار للفكرة في أبعادها الإنسانية ؛ لا يصلح المثقف لخدمة تيارات إيديولوجية منغلقة؛ لان رسالته تتجاوز التصنيف الإيديولوجي الضيق.
الانتقام عنف بأدوات تأتي من قاع المجتمع المتخلف , عسكري بليد للأذى فطن ,وغلوا وتطرف طائفي مناطقي يحتفظ بشعرة معاوية , ويا للأسف تحول بعض مثقفينا لأداة ترويج , للتزييف وتزوير الواقع , حتى صار المشهد الثقافي يوجه لخدمة السياسي الجاهل وأجندات إقليمية رخيصة ,ليسخر ثقافته للدافع عن المنتهكين , وإنكار الحقائق , وطمس الوقائع , والتفريط بالسيادة والإرادة , بل يعتبرها مؤامرة لوهم يعيشه في ذهنه , مستندا على كراهيته وعصبيته , وأجندات محاربة الإرهاب المشبوهة , بترسيخ صراع طائفي وخلاف عقائدي , لشق الصف الوطني والإسلامي , في الحالتين يتفق الإرهاب ومحاربته في تجريف المجتمع من أخياره وعقوله النيرة والأفراد الصالحون , من أئمة مساجد ومقاومة وشخصيات اجتماعية وسياسية ترفض ما يدور ويحاك , اغتيالات و اعتقالات تستهدف قوى الثورة والحق والعدالة والحرية واستعادة الدولة , لتفسح المجال للمليشيا بكل أصنافها وأجنداتها ,الله من وراء القصد وهو عليه السبيل.
.
احمد ناصر حميدان