موسى المقطري
حين أراد "صالح" الانتقام من خصومه السياسيين قرر "هدم المعبد على من فيه" فتحالف مع جماعة الحوثي ، ووفر لهم الغطاء السياسي والسلاح والمقاتلين وأسباب بقاء كثيرة حولتهم الى جماعة مستعصية ، فأحدثوا في الأرض الخراب ، واستدعى فعلهم حرباً أكلت الأخضر واليابس ، وتدخلاً اقليمياً يلدوا أنه بتحول بتقادم الأيام من حل إلى مشكلة ، وفي النهاية صار عفاش وحزبه ضحية لهذا التقدير السياسي الأرعن .
تتسم العلاقة بين الاصلاح والناصري بالتوتر ، وباعتقادي أن السبب الرئيسي يكمن في أن الحزب الناصري يعتبر نفسه الأحق بتمثيل تعز لاعتبارات تتعلق بقِدم تجربته السياسية في تعز ، واقتصار تواجده فيها دون غيرها من المحافظات ، فيما يمتلك الاصلاح القاعدة الشعبية الأكبر التي تتيح له المجال للتحرك في الحلبة السياسية بشكل مريح ، ويعتبر الناصري أن هذا النفوذ السياسي هو عائقاً أمام طموحه باستعادة دوره السياسي في تعز .
وتماماً كما فعل "صالح" قرر الحزب الناصري أن يتحالف مع "ابو العباس" ووفر له الدعم الإعلامي والسياسي وانجز "عبدالله نعمان" دمجه ضمن قوام اللواء 35 وسلم له بصفة رسمية مواقع عسكرية هامة في مدينة تعز ، ووفر له فريق إعلامي يقدمه كمنقذ ، ودفع بالتعاون مع أطراف في التحالف نحو تسليمه أسلحة متطورة وبشكل منفصل عن المؤسسات العسكرية التي تشرف على هذه المهام ، واقتصر توزيع المدرعات من التحالف على اللواء 35 وجماعة "ابو العباس" فقط ، رغم ان اللواء والجماعة غير مسؤولين عن جبهات كثيرة مشتعلة ، وباستثناء تحرير قريتي "الصيار والحود" في الصلو لم يحقق أي منهما تقدما ملحوظاً ومميزاً في أي من عملياتهم الحربية لتحرير المحافظة .
الأخطر في الأمر أن جماعة "ابو العباس" شملت ضمن قوامها جماعات وأفراد ذوي توجهات أرهابية تؤمن بالعنف ولا تؤمن بالدولة فحسب ، بل تعتبرها كيان معادي ، ووفقاً لهذه القناعات يعتبرون أنفسهم ولاة الأمر ، وأهل الحل والعقد ، ولهم الحق بإقامة الحدود وتطبيق محددات الشريعة ، ويعتبرون الجيش مؤسسة معادية ، ووفقاً لهذه القناعات يمارسون الاغتيالات بحق افراد الجيش ، والناشطين المدنيين والدوليين ، وبات اليوم واضحاً ان جماعة ابو العباس باجنحتها المختلفة ستتصادم مع الدولة ، وكل المؤشرات منذ البداية تؤكد ذلك ، والمسالة مسالة وقت ليس إلا .
مع كل ماسبق ، ورغم كل ما بدا واضحا من جماعة "ابو العباس" باجنحتها المعلنة والمستترة الا أن الاعلام الناصري يحاول بجهد مضاعف حرف بوصلة الارهاب ، والدفاع عن حليفه "ابو العباس" وجماعته ، ولكم ان تراجعوا الخطاب الاعلامي حول بسط نفوذ الدولة موخراً في اوكار جماعات الاغتيالات إذ صور إعلامهم الحدث كصراع بين الفصائل ، في حين أنه صراع بين الدولة والخارجين عن النظام والقانون .
في المجمل دئب إعلام الحزب الناصري بعد كل حادثة اغتيال في تعز إلى حرفها في غير اتجاهها الصحيح ، ونحو أشخاص بعيدين عن هذا الفعل وأهله ، ولعل الجميع لاحظ كيف يمارس الإعلام التابع للحزب الناصري هجوما على الشيخ عبدالله احمد علي العديني ، ويحاول تحميله مسؤلية الاغتيالات فقط لان الرجل يعبِّر عن ارائه الدينية في الاطار المتاح –وله الحق في ذلك بالتاكيد– ولم يثبت عليه أي تورط قولاً أوفعلا في دم أحد، في حين أن خلايا الاغتيالات تتحرك باطقم رسمية تحمل شعار اللواء 35 ، وتستخدم أسلحة استلمتها من التحالف لحماية نفسها ، وينعمون بالراحة والأمان في "سوق الصميل" و "المدينة القديمة" ، ويعتبرون العديني أصلا "كافرا" وفق محددات عقيدتهم .
اليوم يجب أن ينفذ الحزب الناصري وقفة مراجعة مع ذاته تليق بعراقته السياسية ، ولعلي اجد نفسي داعياً الحزب الى تغيير شامل للقيادات العليا ، وعلى راسهم الامين العام للحزب "عبدالله نعمان" المهندس الفعلي للتحالف بين جماعات الارهاب والحزب ، والمتهم الأول في توريط لواء عسكري له عراقته واحترامه ليشمل قوامه هذه العناصر ، وكل ذلك لتحقيق مكاسب سياسية أرودتنا في النهاية المهالك ، وأصبحت لدينا بؤرة سامة في تعز لم تكن لتحصل لولا هذا الرجل وأجندته .
إن تحقيق المكاسب السياسية والتفوق على الخصوم لا ينبغي ان يكون بوسائل تؤسس لضرر طويل المدى سيقلب الطاولة على الجميع ، وستصل ناره الى الكل دون استثناء ، والنار التي ستشب في جارك ستصل بالتأكيد إلى دارك ، وهدم المعبد على من فيه ليس هو الطريق المناسب لتحقيق هذه المكاسب .
دمتم سالمين .