انتحر قبل ذلك عندما أبدى امتعاضه من مالات الأمور وحشره وحيداً في الزاوية بعد مقتل علي صالح ومصادرة أمواله وإذلال كل من كان له صلة أو تربطه به علاقة، انتحر الصماد عندما أبدى تعاطفه مع علي صالح الذي كان يمثل الجناح القبلي الآخر للحركة الحوثية والداعم له قبلياً ومعنوياً.
وسواءً تم تصفية الصماد من قِبَل الحركة الحوثية على إثر خلافات حادة بين الصف القيادي الأول للحركة عن طريق رفع التغطية الأمنية التي كان يتحرك تحتها مع باقي القيادات الحوثية، فقتلته طائرات التحالف كونه المطلوب الثاني للشرعية والتحالف معاً، وكون المهمة التي أوكلت إليه انتهت وصار نقلها إلى غيره لازما تساوقاً مع متغيرات ضروف الحرب والسياسة.
أم قتلته طيور السماء.. أو مات موتا طبيعياً .. أيا كان السبب، فالمحصلة النهائية أن الرجل انتحر ومات عند أول خطوة خطاها في الاتجاه الخطأ، ويمم نحو الفكر الاثني عشري الإيراني وجثى على ركبتيه مقبلاً للركب، كما سبقه على صالح في الانتحار عند أول خطوة خطاها باتجاه كهوف صعده المخبوءة بالحقد الطائفي السلالي المذهبي المحترق وهو يعلم، انتحر كليهما عندما ركبا قاطرة الموت الحوثية، أحرقا أنفسهم في بداية الطريق إليهم وعصروا رقابهم للفكر الضال البائس الفقير.
انتحروا عندما كانوا يسمعون الإساءة إلى الله عن طريق سب وتسفيه أولياؤه وأحبائه من الصحابة والإساءة إلى نبيه عن طريق النيل من عرضه وأحب نسائه إليه وبنت رفيقه في الهجرة والغار، وأغمضوا أعينهم وأصموا آذانهم عن كل ذلك تساوقاً مع موجة الإسلام الإيراني الطائفي الحاقد بغية العودة إلى بعض ما كان عليه من العز والصولجان.
كليهما انتحر عندما خسروا كل الرهانات على قبائلهم المفرغة من الوعي والولاء الوطني ووجدوا أنفسهم وحيدين في زوايا التضييق والتهميش برغم كل ما قدموا لأنه بات غير مرغوب فيهم كيمنيين حميريين يحملون السيوف القحطانية وإن كانوا في صفوفهم لأن دماءهم ليست نقيه وعرقهم سامي وليست كتلك العروق والدماء التي يدعي أصحابها النقاوة والارتقاء.
كان الصماد يمط عنقه ويؤدي الصرخة الحوثية وهو يعلم زيفها والغرض الحقيقي من إطلاقها، أوصى الصماد في أحد منشوراته "أنه إذا مات أن يدفنوه على مدخل قبر "سيده حسين بدرالدين الحوثي" حتى يتشرف بأن تطأه نعال من يزور الضريح الشريف" تلك أمنية الصريع ومن كانوا يطلقون عليه الرئيس.
أي رئيس سيواليه يمنياً واحداً يتمتع بأبجديات الفهم وأبسط مكونات العقل وهو كذلك وتلك أمنياته وآخر طموحاته!! سحقوهم أحياء قبل أن يولوهم أي عمل، وقبل مماتهم سحقاً نفسياً ومعنوياً طال الروح منهم والذات والهوية الوطنية حتى باتوا عبارة عن جوقات تتحرك لا شعورياً تردد ما لا تدرك وتمارس ما لم تعتقد، حتى احترقوا وماتوا. غادروا الدنيا وحيدين وفقراء من كل معنى وحرفٍ وبيان، غادروها وسجلات التاريخ مغلقة دونهم بأقفال من حديد ولن يذكرهم أحد لأن رصيدهم فقط كان الموت الذي زرعوه بين أبناء القبائل والأرواح التي ساقوها إلى المعارك مضللة بأبخس الأثمان.
السؤال هل سيتذكر اليمنيون من بعدهم ويقفوا أمام الحقيقة ويُعمِلوا عقولهم أمام المحرقة التاريخية التي صنعها لهم أولئك لهم ولأبنائهم وكل ما يملكون في دنياهم حتى وهم في طريقهم إلى الدار الآخرة يحرمون البكاء، ويتبرأون مما آل إليه "الصالحان" اللذان أوجعا أهليهم من الشعب اليمني وطعنوه من الخلف وهم إخوة لهم وجيران ولقد صدق الشاعر حيث قال:
ما أوجع الأخ مطعوناً بكفِ أخٍ * وليس أوجعَ من كفٍ بها نثق