صناعة المستبد وتخويف الجماهير

2018/05/04 الساعة 12:49 مساءً


 لم يتعظ البعض بالتاريخ وتجاربه السياسية الخائبة والمدمرة , يعيشون وهم عقلية حكم الجماهير بالترويع والتخويف , والتلويح بالقوة العسكرية , وبعبع العدو .
 حكمنا الرفاق 25 عاما ببعبع الامبريالية , فتفرخون ليمين انتهازي ويسار انتهازي وقوى رجعية , في كل خمس سنوات تتم تصفية جسدية , المهاجرين والهاربين هم الأغلبية , وأخيرا هرب من تبقى للوحدة لحضن عفافيش الرجعية .  
 ثم حكمنا عفاش 25 عاما ببعبع الشيوعية , قلب مواجعنا وإرثنا السيئ , أغراء واستمالا ضعفنا وشتت ما تبقى من أوصالنا والتهمنا لقمة صائغه , تميز بكثرة مطالبته لنا بالحوار, في كل عرض عسكري وحشد جماهيري يتباهى بقوته يطلب الحوار , حورا وهو يلوح بقوته والبندقية  , تحت راية ثوابته الوطنية و وحدته وديمقراطيته و مشروعه , مصير الرأي الأخر والمختلف الخيانة والموت , في مسرحية تنتهي برمي بأوراقها في سلة مهملاته , ليعد لمسرحية أخرى, والوطن والمواطن ضحية  . 
ها هم تلاميذه يسيرون على دربة , بحنكته وطيشه , يستعرضون قوتهم , ويخوفوننا ببعبع الاخونجية , ويدعون للحوار , في عروضهم العسكرية وحشودهم الوهمية , يقولون ما قال , هم سيرسمون  ملامح ذلك الحوار , هم سيحمونه , هم القادرون على فرض ما يريدون , لكنهم بالحوار متمسكون , سبحان الله التاريخ يعيد نفسه , مستبدا يستثمر حماس البسطاء يجذبهم بشعاراته  التبسيطية الخلابة ليسحرهم  ويقودوهم  لكفاح فنطازية بعيدا عن الواقع, شعارات مصطنعة تخلق معارك جانبية وتبعدنا جميعا عن المعركة الحقيقية ,عن أهداف الثورة وحلم وطموح الجماهير , عن التغيير والدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة , عن مخرجات الحوار والمستقبل الذي نريد .
مشهد تراجيدي , يعيد إنتاج ماضينا ويفرخ مستبدين وطغاة وفاسدين , ومطبلين ومداحين , مشهدا يتكرر مع اختلاف مركزه المقدس ومنطقه المتخلف وطائفته, لا يختلفون في الهدف العام , انظر جيدا في أدواته , تاريخهم القريب جدا , فسادهم الذي لازال يفوح , معسكراتهم التي تعود للواجهة , وعادوا سالمين غانمين إليها , بعنجهيتهم وتصلبهم ورفضهم للاندماج المدني وتحت مضلة شرعية الثورة والجماهير. 
هذا المشهد رسم بأجندات إقليمية ,هم فيه أدوات مرتهنة , وبالتالي لا يمكن أن تكون وطنية , حيث فقد الوطن سيادته وإرادته وصار ضحية لأطماع خارجية , مشهد اعد بتجريف المقاومة البطلة الحقيقية التي حررت عدن وغير عدن , تجريف العقول والوسطية والوطنية التي ترفض مثل هكذا مشهد , تجريف كل من يقف حجر صلب في طريق هذه الأطماع , مشهد أدواته حراسا  حراسا للسجون ووسائل  قمع , والشرفاء والأبطال في المعتقلات تحت سطوة الاتهامات والاشتباه والتعذيب , وشهداء ضحية الاغتيالات  . 
الخوف لا يبني وطن ولا يسعد إنسان , الخوف وسيلة المستبد والفاشل , خوفا يتكرر بالعروض العسكري وحشد المنافقين ليخنع ويخضع كل صاحب رأي وموقف مغاير , ليكون الجميع تحت طاعة القائد والرئيس المنتظر, يصفقون له بلغيه وبغيه .
مشهد  يعكر صفوه , إنشاء مكونات اجتماعية وسياسية مغايرة, في نشاط تعددي للأفكار والتوجهات والمشاريع , لأثرى الحياة السياسية وتنمية أدوات دولة ترفض ذلك المنحى , فيشتط غضبا حراس هذا المشهد خوفا على مشهدهم الهش , بإدراكهم انه سيتهاوى وينهار بكل يسر وسهولة  أمام أرادة الناس و واقع سوي خالي من العنف والمليشيات والاستعراضات العسكرية والحشد الجماهير التي لم تنفع ولم تشفع لأسلافهم من الطغاة والبغاة والمستبدون .
انهيارهم حكمة الله للحق أن يرفض الباطل , سيسقطو كما سقط الكثير قبلهم , فهل يتعظون أن الوطن كان جنوبا أو شمالا يقرر مصيره أبنائه بدولة ذات مؤسسات , تضبط إيقاع الملعب السياسي وتنزه سياساته , لتحكمنا القوانين والأنظمة و وسيلتنا صندوق انتخابات , في وضع امن ومؤتمن , بعيد عن الخوف والرعب والعنف والتهديد والوعيد , والإقصاء والتهميش والاجتثاث .
احمد ناصر حميدان