الشرعية ومشروعية الدولة

2018/05/07 الساعة 01:05 مساءً

 

لم نتعظ بعد بالتاريخ وتجاربه السياسية الخائبة والمدمرة , ولم نفكر بجدية بوقفة علمية تقييميه لدراسة أسباب ودواعي مراحل الصراع التي عشناها , لتجنب تكرارها , ولهذا لأزالنا نصر وبعناد غبي على تكرارها .

الفرصة الوحيدة التي أتيحت لنا لتقيم تجاربنا ونقد الذات , والمواجهة الحقيقية مع مشاكلنا للبحث عن جذورها ودواعيها هي طاولة الحوار الوطني , التي رفضها المتعصبون لفقدانهم الوعي القادر من تمكينهم  من مواجهة المشكلة لإيجاد الحلول , والنافذون بوعي للبقاء على المشكلة التي تحفظ مصالحهم .

حوار عالج قضيتنا الأساسية التي هي مصدر كل المشكلات وهي قضية بنا الدولة الضامنة للمواطنة والحريات , التي تتيح للجميع العيش والتعايش بحب وسلام و وئام , يتحقق في ظلالها العدل وتتجسد المساواة، ليحكم الشعب فيها نفسه بنفسه،هي الدولة الاتحادية المدنية , مشروع الشرعية وفخامة الرئيس عبد ربة منصور هادي , في مواجهة المشاريع الصغيرة طائفية كانت او مناطقية مشاريع أنانية , منهم من رفض الحوار, ومنهم من قبله على مضض وانقلب على مخرجاته , ويتفقون في رفضهم للدولة المدنية التي تقوض مشاريعهم .

تاريخ مثقل بالماسي والتراكمات ,وتاريخ نضالي طويل وقوافل من الشهداء للوصول للحلم وهي الدولة ألحقه , ولازال البعض يصنع بأيديه المعوقات للوصول لهذا الحلم الدولة العادلة , وبإصرار عنيد يصنع مستبدة بأيديه , انه الجهل وفقدان الوعي القادر على التغيير, تغيير الذات لتغيير العام , تغيير الرؤية لتغيير الإستراتيجية , وعي التحول المنشود للخروج من بوتقة الأجواء المهيمنة على العقلية التسلطية والتوجس من الأخر واتهامه وعدم تقبله والتعايش معه كما هو لا كما يراد له أن يكون , عقلية احتكار السلطة والقوة والثروة , هي مشكلتنا اليوم .

لازالت محاضرة الشهيد البروفسور أحمد شرف الدين عن شكل الدولة المنشودة، في ذاكرتنا الجمعية ( نريد أن نبني دولة بشكل آخر، نريد أن نبني دولة مدنية، دولة مدنية يغيب فيها الخطاب الديني، الدولة لا ترفع الخطاب الديني في مواجهة الشعب، لأن الدين يكون للشعب، والدولة ينبغي أن يغيب عنها الخطاب الديني. لماذا ؟ لأننا جربنا الدولة الدينية على مئات السنين، وكانت الدولة عندما تتبنى الدين تتقمص الدين في صورة مذهب معين وتلغي المذاهب الأخرى فينتج ذلك صراعا…فيما الإسلام قراءات متعددة، ولذلك نقول الدين للشعب بتنوعاته المختلفة..والدولة تكون بعيدة عن الخطاب الديني ولكن من واجب الدولة أن ترعى الحقوق الدينية ….الخ”.) هذا المفهوم يحتاج لوعي حامل للفكرة وقادر على تغيير الواقع للتطبيق , هو الخروج من بوتقة التعصب الديني والسياسي ,عقائديا وأيدلوجيا فكرا وثقافة وسلوك  .

من لا يريدنا أن نخرج مما نحن فيه من مأزق  ومشكلات , هو الذي يقف اليوم ضد الشرعية ,و يرفض فكرة التسامح ونبذ الماضي وتجاوز ماسية وجراحاته ,و يصر على تذكرينا وبعند وتطرف بمراحل تلك الصراعات, يحدد المتهم وفق أهواء وغايات استمرار الصراع , بعيدا عن التقييم الجاد والعلمي لبذور وجذور المشكلات .

من المتهم اليوم بالإرهاب والفساد والتأمر على الوطن ؟ من يجيب على هكذا سؤال بسطحية وتعصب ويشير لطرف بعينه دون تقييم علمي ومهني هو جذر مشكلتنا اليوم , وهو الجهل وغياب الوعي القادر على أن ينهض بالأمة لتتجاوز محنها .

لا يمكن أن تستقيم الدولة المدنية العادلة دون تعدد حزبي وتكتلات فكرية , لتفكيك التكتلات الطائفية والمناطقية والسلالية التي هي السم الزعاف للدولة ومبادئها .

قبول الفكر والرأي الأخر , أساس العدل والتعايش والحب والتسامح , والوعي الرافض للشمولية والاستبداد والهيمنة والإقصاء والتهميش والاجتثاث هو القادر على بناء الدولة المدنية الاتحادية التي نريد .

ما يحدث اليوم من ممارسات وتفسخ للقيم والمبادئ ,واتهام الشرعية ومن يقف في صفها جزافا , بالإرهاب والاخونجية , هو استمرار لذات النهج وترسيخ للاستبداد , محاربة الإرهاب والفساد يحتاج لهذه الدولة المدنية العادلة دولة النظام والقانون , والخروج من بوتقة التعصب الديني والسياسي والأيدلوجي والتحريض والحشد ضد الأخر , ليحكم بيننا النظام والقانون , لنرسي العدل والمساواة والحرية , غير ذلك ما هو إلا استمرر للصراع وتجديد لأدواته .

احمد ناصر حميدان