لا تفريط بنبل ثورتنا

2018/05/28 الساعة 04:51 مساءً


عشت كل مراحل الصراع من الخمسينات , وتذوقت مرارة المنعطفات , وقسوة السياسة والبشر , قسوة المجتمع الإنساني وهو يفقد إنسانيته باسم وطنيته .
عشت لحظات التجلي بحلاوة الثورة وشعاراتها المقدسة الحرية والعدالة والسيادة والاستقلال , وفي كل مرة نصطدم بالحقيقة المرة , أنها شعارات للاستهلاك تسحر الجماهير لهدف أخر وأجندات أخرى لنجد أنفسنا في واقع أسوى من والواقع الذي ثرنا لتغييره . 
النضال الحقيقي جوهره هو عدم التفريط بدماء شهدائنا الأبرار وطهرتها  جنوبا وشمالا , بمقدسات ثورتنا من حرية وعدالة ومساواة ودولة ذات سيادة واستقلال وضامنة للمواطنة , هذه هي جوهر نضالنا واختياراتنا واصطفافنا , التفريط فيها خيانة للثورة والخروج عنها عداء .
من القسوة التي تمارس اليوم هي السيطرة على إرادة الناس وسلب حقهم  , وإسقاط نبل ثورتهم وعدالة قيمها وإنسانية روحها , بغزو الذات والتحكم فيها وتعنيفها وتبرير استعباد الشعوب وانتهاك خصوصيتها وتدنيس قيمها واستحقاقاتها ورموزها , من قبل ثلة متوحشة ورأسمال منفلت , وذئاب بشرية تتصيد المصلحة وتدوس على القيم وتتاجر بعذابات الإنسان.
حبل الكذب قصير , ينتهي بفضحهم , فضائح انتهاك الحريات , والسجون السرية , واعتقال الرأي الأخر , من يعبر عن مكنوناته وما فاض به من غيض , وفضفض عن قهر وظلم , فضائح سياسيهم أخر زمان وفتوى تأجيل الديمقراطية لتتاح فرصة لاجتثاث الأخر , وإقصاءه  وتهميشه , فتوى الخروج عن القانون بشرعية قانون الغاب , وفرض أمر واقع على الأخر تقبله والتنوع والاستسلام له . 
المعروف أن ما ينظم إيقاع الحياة والعلاقات بين الناس هو عقد اجتماعي , الدستور والقوانين النافذة , هي الروابط التي تربطنا ببعض , هي  ما تفرض طاعة النظام والقانون والقائمين علية , أن خرج القائم عن النظام والقانون خرج الناس علية .
رجل الأمن اليوم, يكتسب شرعيته وطاعته من الدستور والقوانين النافذ للجمهورية اليمنية , التي اقسم المسئولين عنه أمام رئيسها الشرعي الذي عينهم ويستمدون شرعيتهم منه , وتؤكد نصوصها على الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية كنهج , ومن يخرج عنهما لا طاعة له .
اعتقال المقاوم الجنوبي وليد الإدريسي , أعاد الروح لثورة الشباب الشعبية 16 فبراير وأهدافها النبيلة , واقعه فضحت المتشدقون بالحرية والاستقلال واستعادة الدولة والسيادة , و المدعون أنهم يمثلون الجنوب الحر ويحق لهم تسليم التحالف شيك على بياض يعطيهم الحق في التصرف وانتهاك سيادة البلد وحرية الناس , الحق في التنازل عن الأرض والقيم والمبادئ التي نناضل من اجلها , دون أن يفرق في حقه والحق العام , لا شأن لنا في التفريط بحقه وأرادته الخاصة , لكن حق العام والإرادة العامة خط احمر  يخضعان لاستفتاء عام . 
الشعارات تسحر العقل وتخاطب العاطف , وينجر البعض خلف وهم ليجد نفسه وقد وقع في شر خدعة , يبدأ ضميره يعاتبه , ولا يلدغ المؤمن ومن جحر مرتين , المؤمن بقيم ومبادئ الثورة عندما يجدها تنهار وتسقط , يستيقظ ضميره ليخاطب العقل ليتغلب على العاطفة , ويحدد موقف يلبي طموحاته وأماله , وحبه للوطن الذي يتغلب عن تعصبه للطائفة والمنطقة والحزب والمكون والرموز والأصنام وينتفض ثورة , والثورة مستمرة حتى تنفذ أهدافها  .
احمد ناصر حميدان