نحو اصطفاف وطني لإنقاذ اليمن

2018/06/09 الساعة 12:41 صباحاً

 

أحمد ناصر حميدان 

 

حروبنا في اليمن محاولات فاشلة لثلة باغية للسيطرة على السلطة والثروة، فنحن أمام حروب مدعومة بأجندات خارجية، تترافق مع ضعف الانتماء والروح الوطنية، ما يؤدي إلى ترسيخ انتماءات صغيرة طائفية ومناطقية حزبية وإيديولوجية.
حروبنا هي حروب إضعاف لليمن وسيادته وانتمائه، حروب لإيجاد مبرّرات التدخل لحماية الأدوات وضمان السيطرة الكاملة على نهج البلد وسياسته وتوّجهه، ليكن مجرد حديقة خلفية، يحمي مصالح الإقليم، لتسلم منه الأنظمة المستبدة. هي حرب قذرة لأجندات إقليمية، قذارتها في دعم كل ما هو قذر ومسخ وفاسد، ليدمر ويحطم كل ما هو خير وجميل ونزيه ومعطاء في هذا البلد، والنتيجة بؤس واقعنا في المناطق المحرّرة.
نحن أمام حربٍ تدعم قوى العنف ومشاريعها، فتغيب القوى الناعمة بأفكارها ورؤاها ومشاريعها، تدعم التخلف والجهل والتعصب ممثلا شرعيا ووحيدا للأمة بأفكار طائفية أو مناطقية أو أيديولوجية، تختار بعناية لتحقق هدفها.
تتجلى هذه الصورة في مشهد واقعنا اليوم، شمالا وجنوبا، فعن أي حالةٍ ثوريةٍ يتحدث بعضهم؟ فهل هذه القوى التي تمارس القمع والقهر بأبشع صوره، هي ثورة؟ وعلى أية حالة ثورية يراهن بعضهم؟ هل على تشكيلات عسكرية لمليشيات ذات انتماء عقائدي أو مناطقي، ترتهن لمن يدفع لها، وبالتالي تفقد العقيدة الوطنية، لتكن مجرد أداةٍ تعمل لصالح قمع أيّ مشروع وطني لدولة ومؤسسات سيادية، ما يعني أننا أمام قوى تعيق حركة الانتقال إلى المستقبل المنشود.
تؤكد الحرب العبثية اليوم لمن لا يستوعب دروس الماضي أن العنف يؤدي إلى عنف أشد ضراوة، وأن القهر والظلم يواجه مقاومة شديدة، وأن الأمم لا تقهر، ومستحيل إخضاع الناس بقوة السلاح والترهيب والترغيب، وأن المنتصر اليوم في حربٍ يهزم غدا بكل سهولة ويسر، وأن النضال مواقف واختيارات وطنية، قبل أن تكون عربيةً وإقليميةً، ومن يستلم ثمنا لنضاله لم يعد مناضلا، بل أداة لمن يدفع له، وأسير لأجنداتهم.
الصورة واضحة بين مشهدين، مشهد الأجير الذي يخلع زينته وهويته، ويلبس زينتهم وهويتهم فيبخس، ومشهد الحر الذي لا يقبل الخنوع ويقابلهم بندية الأبطال.
يحتاج اليمن اليوم لمن ينقذه مما هو فيه من حرب عبثية وأجندات خارجية، عبر توافق وطني، بعيدا عن الحشد والحشد المضاد، إذ نحتاج قيادةً جماعيةً يستوعب القادة فيها رسائل الواقع.
لا مخرج لنا من هذه الحرب غير مخرجات الحوار والتوافق عليها، فهي التي ترسم لنا دولة المواطنة، دولة التوزيع العادل للسلطة والثروة، من دون استئثار واستحواذ وإقصاء وتهميش، دولة النظام والقانون والدستور الذي يعطي الحق للشعب ليختار سلطته ويقيلها.
لا صوت يعلو على صوت الشعب الذي يجب أن نسمعه عبر صندوق الانتخاب، لنتجاوز ماضينا العفن، بكل إشكالاته، سياسية كانت أو ثقافية أو اجتماعية. لا اصطفاء إلهي أو مناطقي أو إقليمي، ونعم للاصطفاف الوطني لإنقاذ الوطن.