موسى المقطري
قال الاتراك كلمتهم الأولى والأخيرة ، لا مجال للتنازل عن المكتسبات ، لامجال للعودة للخلف المشؤوم ، لامجال أبداً لان يكون غير أردوغان وعدالته وتنميته في المقدمة ، ومجدداً اليوم أكدوا للعالم كله أن تركيا ليس لديها وقت حالياً للانغماس في صراعات الساسة ، واشغالات الطامحين ، وأنها حافظت على بوصلتها في الإتجاه الصحيح حين وضعت يدها في يد زعيمها ، لتظل قوية ، متميزة ، يحسب لها العالم ألف حساب .
لم يتملك العدالة والتنمية وزعيمه ولاء وحب الاتراك بالعاطفة الدينية ، ولا بالادعاءات القومية ، ولا بالخطابات الرنانة ، ولم يطالبوا الشعب بالالتزام بطابع ديني محدد ، أو إتجاه سياسي معين ، إنما تملكوا ولاء الشعب وحبه حين تحول الأتراك من مستهلكين إلى منتجين ، ومن مرتهنين لقرارت الدول الكبرى إلى أحرار يجيدون لعبة السياسة الدولية ، ويمتلكون حرية القرار ، وأوراق الضغط .
لا يقدم اردوغان وحزبه انفسهم كأوصياء يهبون للناس حقوقهم ، إنما خداماً لشعبهم ، يؤمنون له الحرية في العبادة ، والعمل ، والقناعات السياسية ، ويضمنون الامن والسلامة والخدمات ، ويوفرون المناخ الملائم للعمل والانتاج والمنافسة ، وكواحب صنعوا لشعبهم مكانة مرموقة بين الشعوب والأمم .
تركيا تقدم نموذجاً في المنطقة كانت دوائر السياسة الدولية حريصة كل الحرص ان لايظهر ، نموذج الحياة الديمقراطية التي تحترم المؤسسات وتحتكم إلى الشعب ، والشعب الذي يحب ويدعم ويحترم حاكميه ، وبهذا كله يسود الأمن والاستقرار والذي بدوره يوفر البيئة المناسبة للعمل والانتاج ، وأمتلاك زمام الاقتصاد ، والذي حتماً يجعل قرار الشعب بيده بعيداً عن أي ارتهان للقوى العالمية التي تتحكم بالمنطقة .
نجحت القوى العالمية في خلق الاضطرابات السياسية والاجتماعية في بلدان الشرق الأوسط ، وخلقت فجوة هائلة بين الحكام والشعوب تجعل الحاكم لايفكر إلا كيف يبقى طويلاً على كرسيه ، والشعب يبحث عن الفرصة لازالته ، فحافظوا على الحكام بمساوئهم ، فضاعت التنمية ، وتوقف الانتاج ، وهاجرت العقول ، وصرنا شعوباً استهلاكية قرارنا بيد غيرنا مادمنا ناكل مما لانزرع ، ونلبس ونتسخدم ما لانصنع ، وهذا ما نجح في تجاوزه الاتراك ، وحاولوا مرارا وتكرار انجاحه منذ التسعينات ونجحوا أخيرا حين تمكنوا من تصعيد العدالة والتنمية ، ووضعوا يدهم بيد اردوغان ، ولايبدوا انهم سيفلتوها .
الف مبروك للشعب التركي انجازه ، والف مبروك لنا جميعا انتصار القيم التي يحملها اردوغان وحزبه لتركيا وللمنطقة كلها..
دمتم سالمين ..