هل يفعلها السيد الرئيس ويعلن "محافظة الحُجَريَّة" ؟
موسى المقطري
كحضورها الجغرافي الضارب في عمق الأرض متلوياً ومتنوعاً بين الجبال والوديان والحواضر ظلت الحُجَريَّة منذ الأزل حاضرة بقوة في صناعة التحولات السياسية والاجتماعية لليمنيين في جهات الوطن الأربع ، محافظة على كيان رمزي لم تسمح له الظروف والتحولات السياسية أن يأخذ شكله السياسي والسيادي على ذاته وانجازاته .
حرصت الإمامة أثناء حكمها الرجعي الكهنوتي ان تغيِّب هذه المنطقة عن دروها المشرق ، ولأجل ذلك حرصت على طمس علامات التميز التي يتقنها الحُجريون ، وحاولت تغيير ديمغرافيا المنطقة بزرع كيانات اجتماعية وافدة سلمت لها الامر والنهي ، وتعاملت مع المنطقة كاقطاعية تتبعها ، وأهلها مجرد عمالاً رغم أنهم على أرضهم ، وبالقمع والأهانة واجهت كل صوت يعلوا لاستعادة الدور المشرف .
في المقابل فقد تواجدت الحجرية في المشهد السياسي اليمني بقوة عبر التاريخ ، وساهمت عبر أبناءها من المناضلين و السياسيين والمؤرخين والأدباء والمثقفين في إحداث نقلات نوعية ومشهودة في التاريخ السياسي اليمني ، فهي انجبت الأستاذ احمد محمد النعمان ، والشهيد الحكيمي، الأستاذ عبدالله عبدالوهاب نعمان .
كما خرج منها عيسى محمد سيف ، وعبد الرقيب عبد الوهاب، والمرحوم عبد العزيز عبد الغني ، والمؤرخ سلطان ناجي ، وهائل سعيد أنعم ، وأيوب طارش ، وكثيرون لا يسع المجال لذكرهم هنا ، وفي الحجرية ظهرت أول مدرسة ذات منهج علمي ، وقبل هذا وذاك خرج منها الامام مالك بن أنس الأصبحي أحد أئمة المذاهب الأربعة .
في مسيرة الثورة شارك الحجريون بفاعلية في وأد النظام الإمامي وشكلوا رافداً للجمهورية ، ولاجل استمرارها قدموا الشهداء في كل المعارك التي خاضتها لثبيت اقدامها ، كما شاركوا ايضاً في مقارعة الاستعمار في جنوب الوطن حتى تحقق الخلاص .
في زحمة الأحداث التي تلت قيام الجمهورية وجد الحجريون أنفسهم رويداً يعودون إلى دائرة التهميش والإقصاء ، ولاحقاً اختفت التسمية من سجلات الدولة ، وصارت الحجرية مديريات مفتتة ، ولم يتم حتى اطلاق الاسم على أحدها ، ثم أُلحقت بعضها بمحافظة لحج ، لكن أبناء هذه الأرض ظلوا يحملون هم التغيير والبناء والإصلاح للوطن الكبير .
اليوم عادت الحجرية لتصنع التحولات من جديد فقارعت الانقلابين في كل كل جبهات الوطن العسكرية والسياسية والاقتصادية ، وكانت أول منطقة تعلن برأتها من الانقلاب الحوثي ، ودفعت في سبيل موقفها خيرة ابنائها شهداء وجرحى ومختطفين ، ولازال الحجريون يحملون علم الجمهورية كعادتهم مفتخرين .
يتطلع الحُجريون بشوق إلى أعلان قيام "محافظة الحُجَريَّة" لتوفُر كل المزايا التي تؤهل المنطقة لهذا الإنجاز ، وليودعوا مسيرة التهميش والإقصاء ، وكل التعويل في المرتبة الأولى هو على السيد رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادئ ، وكل المسؤلين في الحكومة الشرعية والتي ينتمي جزء منهم إلى هذه الأرض نسباً ، وينتمي الجميع إليها حباً وإعزازاً وتقديرا .
وحتى لا يكون الأمر مجرد امنيات وحديث مجالس فلزاماً أن يتحرك الجميع في سبيله ، ورصيد المنطقة من المسؤلين والقيادات المدنية والعسكرية ليس بالهين ، وكل مسؤلي الشرعية بدءً بالسيد الرئيس سيتفهون هذه الرغبة بالتأكيد ، وستكون محافظة الحجرية رافدا قوياً للتنمية ، وللتعليم ، ولأدارة شؤون الدولة ، ومخزوناً بشرياً مدرباً ومؤهلاً لتحمل المسؤلية الوطنية كعادة أبناء هذه الارض الطيبة منذ الازل .
يوم أن يفعلها السيد الرئيس ويصدر قراره الجمهوري بإعلان إنشاء محافطة الحُجَريَّة سيسعد جامع ابن علوان ، وستبتسم قلعة المقاطرة ، وستشاركها السعادة قلعة الدملؤَة ، وسيجتمع المهنون في دار النعمان ، وسيبدوا سد العدوف أكثر حيوية ، وسيضحك السكون فلا زال في ريعان شبابه .
اثق جداً ان ما سطرته هنا سيصل إلى السيد رئيس الجمهورية ، إن لم يكن نصاً فمعنى ، فقد عودنا أنه قريبٌ منا ومن احلامنا وامنياتنا .
دمت سالماً سيادة الرئيس ، ودمتم جميعاً كذلك .