الإصلاح بين المواجهة والانسحاب..
بكل وضوح وعلانية , لم تعد الامارات وحلفاءها على الأرض يخفون الخلاف الحاد مع الإصلاح , بل بات الامر واضحاً ومعلناً بشكل رسمي , والاتهامات التي وجهت للإصلاح بالاخونه ودعم التطرف ليست بالأولى وليست بالجديدة , فهي اتهامات لازمت الإصلاح فترات التوتر والازمة والى اليوم , ولكن السؤال اليوم هل الإصلاح في صدد المواجهة؟ والاستعداد؟ مع حجم الاتهامات والاستهداف اليوم؟
الإصلاح كحزب ظهر في عام 90م نتيجة للوحدة وفي مواجهة الاشتراكية في الجنوب , ظهر كتجمع للقوى الإسلامية بحسب زعمهم , وتفاخر بانتساب كثير من قياداته لتيار الاخوان المسلمون , هذا سمعته من كثير من شبابه وقياداته خلال مراحل دراستي في الثانوية والجامعة , الا ان هذا التفاخر لم يستمر مع ظهور القاعدة والتطرف , واتهام الإصلاح كمغذي فكري وبشري لهذه الجماعات ( اتهامهم بانهم عملوا على استيعاب المجاهدين العائدون من أفغانستان ) , الا أن حزب الإصلاح يملك تركيبة فريدة نوعاً ما مقارنه بالتيارات الإسلامية الأخر في العالم العربي , حيث حوى الإصلاح على رجل القبيلة , وهم شخصيات ليست مؤدلجة دينياً , وانما تسودها النمط القبلي حيث كان رئيس الحزب عبدالله حسين الأحمر الرجل القبلي والذي تهمه القبيلة واعرافها وليس الصيغ الدينية , وشكل هذا نمطاً اكثر مرونة من الجناح المحافظ في الحزب , هذه التركيبة خلقت جناح ثالث بالضرورة وهم الفئة الأكثر اعتدالاً وانفتاحاً حيث ساهم النمط القبلي في تنميتها , وكنت في جدل مع شبابه في الجامعة , فكنت اسألهم كيف تقولون انكم تيار إسلامي ورئيس الحزب شيخ قبلي ليس له علاقة بالتيار الإسلامي , ويجيبون بانه تحالف الضرورة والحماية ؟ واعود وأقول لهم كيف تحالفتم مع الاشتراكي والقوميون في اللقاء المشترك وقد كفرتم الاشتراكي في حرب 94م؟ ويجيبون بأن هذا ادعاءات ضدهم , لكن هذا ليس صحيحاً؟
الا أن القيادة المركزية للحزب ظلت ول 28 عام كما هي دون تغيير , ومن الجناح المحافظ , والذي دخل الان في صدام مع النمط القبلي الذي يقوده جيل جديد , وفي العموم فأن ممارسات الحزب لم تختلف عن باقي الأحزاب في التحالفات والمراوغة السياسية وغيرها من الأمور التي تمارسها الأحزاب , وهي في التقييم العام لم تكن سليمة , الا أن الإصلاح عانى من الانطوائية والقلق من المشاركة مع القوى الأخرى في العمل السياسي بشكل عميق هذا يعود الى التاريخ السياسي للأنظمة العربية والتي قمعت التيارات الإسلامية في كثير من الحالات فشكل هذا حالة انطوائية وشك في التعامل مع الشارع والقوى الشبابية مما كان له رد فعل سلبي لدى الشارع خلقت لدى الشارع طابعاً بأن الإصلاح اقصائي , وهذا ظهر في حالات , حيث جاءت فرصة للإصلاح بعد ظهور الانتقالي وانقلابه على الرئيس , ليكون الإصلاح الوعاء الداعم للشرعية ولكن بسبب حالت الانطوائية المزمنة فشل الإصلاح بالانفتاح مع كافة القوى السياسية والشعبية ودخل في تصادمات , استفاد منها خصوم الإصلاح والذين يتجمعون اليوم ضده .
الا أن الإجابة على السؤال , هل الإصلاح سيواجه من عدمه , هذا يعود الى السلوك العام والطابع المسيطر للحزب وهو المراوغة وتجنب الصدامات , حيث في حالات كثيرة فضل الحزب ان يتجنب الصدام مبرراً ذلك بالمؤامرة الكبرى عليهم , واستخدام التقية لتجنب الصدام , وهذا ظهر حينما اعلن الإصلاح مراراً بانه ليس له علاقة بالإخوان المسلمين واعتقد ان هذا ليس سليماً , وكان الاحرى بأن يقوم بتعديل السياسات والخروج من الدائرة المغلقة عقائدياً وفكرياً افضل من تقديم التبريرات , وارى وهذا وجهة نظر خاصة , بأن الإصلاح لن يواجه مثل ما حدث في صنعاء عندما دخل الحوثي وعلي صالح صنعاء , وانسحب وضحى بمن هناك , وكذلك اليوم خصوصاً أن كثير من قيادات ورموزه ليسوا في اليمن ولكن في بلدان بعيدة , الا أن الأخطر اليوم ايضاً ان الخصوم يتخذون من الإصلاح ذريعة لتنفيذ مخططات لا تخدم الشعب , في إعادة انتاج النظام القديم , ولهذا يواجه الشارع عدد من المشكلات المركبة والمعقدة , فالأحزاب بالشكل العام والإصلاح معها لا تعمل في نمط وطني مشترك واهداف مشتركة ولكن يعمل كل حزب لأهدافه الخاصة , ( حرب باردة بين الأحزاب ) , وفي نفس الوقت يتم تنفيذ اجندة لا تخدم الشعب تحت ذريعة الإصلاح وتخويف الناس فيهم ؟ وهذه الوصفة المعجونة , شلت حركت الشارع وحركة المثقفين وكثير من النشطاء, ولهذا الحل يكمن في إعادة صياغة المشروع الوطني والخروج من دائرة الصرعات خلف الكواليس , وان يقف الإصلاح عن الانتهازية السياسية وممارسة دور الضحية , فلا هو وقف وواجه ولا هو ترك الاخرون يقفون ويواجهون , ولكي أكون اكثر وضوحاً , فالحوثي والحرب اليوم هي ناتجة عن نفس الذرائع , ونفس العصيدة السياسية , وبنفس أخطاء الجميع وكأننا نكرر سيناريوهات مشابهة للنكبات ولا نتعلم ...
د. محمد صالح السعدي