نكبة الانقلاب والتدخل الخارجي

2018/09/23 الساعة 12:39 صباحاً

نكبة الانقلاب والتدخل الخارجي

من الطبيعي ان يكون انصار الله موجودون على طاولة الحوار الوطني كمكون يمني موجود على الارض , ومن غير الطبيعي القبول بالانقلاب المسلح على مخرجات هذا الحوار وبتلك الحجج الواهية , بفقدان هذه المخرجات للقرار والارادة الوطنية , ارادة وطنية جعلتهم يأخذون نصيب الاسد في هذا الحوار , وفتحت لهم ابواب السياسة على مصرعيها ليكونوا مكون سياسي واجتماعي فاعل ومؤثر شريك في عملية التحول الموعود لمستقبلا منشود, الدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة , شركاء بأفكارهم ورؤاهم على امل ان يشعرون بالمسئولية , وتحرجهم هذه الطاولة المتنفس الفكري والسياسي , و يتخلون عن السلاح والعنف ومشروعهم الطائفي  والإمامة لحكم الناس بفكرة الاصطفاء الالهي والمسيدة .

لم تتقبل ثقافتي وتجربتي بالحياة ,ان مليشيا تحمل السلاح وتلهث عنف و وحشية وجهل وتخلف وتحمل ثار وانتقام , وبذلك النفس الطائفي والسلالي والتمايز الطبقي ,ان تكون  حالة ثورية تلبي طموحات وامال الناس في مستقبل ينشدونه ,بناء دولة ضامنة للمواطنة , لم اتقبل الجلوس مبحلق في سماع وعظ خزعبلات سيد عن الدولة والمستقبل والحرية والاستقلال , عن الموت لأمريكا واسرائيل واللعنة على اليهود والنصر للإسلام , وهو يشرعن القتل والنهب وتفجير المساكن ودور العبادة , واجتياح المدن والمعسكرات , وتدمير كل مدينة وقرية تقف امام هذا الاجتياح بوابل من الراجمات والصواريخ والسلاح الثقيل , كنت مندهشا لتقبل الناس لواضع كهذا اكثر من اندهاشي للحالة ذاتها , التي كنت اعتقد انها مرفوضة من كل مثقف وحر و وطني مهما كان توجهه السياسي , هي حالة برهنت حجم التراكمات والاحقاد والروح الانتقامية التي جعلت من البعض القبول بها لتصفية خصومهم على حساب وطن ومستقبل امة فقدت كل شيء , امة بسبب ذلك هي اليوم معاقة وكسيحة , و وطن ينهار سيادة وكرامة  و واقع اسي ومستقبل مظلم .

انه انقلاب بإعلان الحرب على الجميع ,حرب اعلنت بوضوح مضمونها الاقليمي , والدعم الايراني , الجسر الجوي , واطلاق سراح المعتقلين الايرانيين , والمناورة الايرانية على الحدود السعودية , تهديد واضح للمنطقة , وزج بالبلد في اتون صراع اقليمي , وللحرب تداعياتها في تفكك المجتمعات المتجانسة , وتقضي على فسيفساؤها , وتعمل على تحويلها لمجتمعات معاقة وكسيحة , مجتمعات تشكل خطرا على السلم العام لمن حولها , ومن هنا يأتي القلق الاقليمي والدولي , وتتاح الفرصة للتدخل , وكان لهم ذلك .

تدخل فوق قدرت الحكومة الشرعية , و واقعنا اليوم برهان واضح لهذا التدخل تحت شعار استعادة الشرعية , وحقيقته حرب اقليمية على الساحة اليمنية فجرها الانقلاب , حرب نزعات مدمرة طائفية ومناطقية وخصومات فاجرة لتراكمات امتدت 1400 عام من التاريخ التناحري  .

لم يترك للحكومة الشرعية مجال لاستعادة انفاسها , سيطر الانقلاب على كل شيء وفجر التدخل الاقليمي بؤر التناقضات داخل اطراف الشرعية نفسها , واذا بنا في معمعة مؤامرة قذرة , تصب نتائجها لصالح النظام الاستبدادي القذر , في البحث عن وكيل حصري يدير اجنداتهم في البلد , واجتثاث كل وطني حر مستقل يرفض الارتهان والعمالة .

هو تدمير كل شيء يخص اليمن من السيادة للإرادة للاستقلال والوحدة والمصير والهوية والتاريخ , والارض والعرض والثروة القومية , للحاضر والمستقبل .

لم يكن التدخل يعني المساعدة , فالمساعدة واضحة في المناطق المحررة التي انفلت عيارها وتعيش حالة انهيار في كل شيء سياسي واقتصادي وقيمي واخلاقي , مناطق محاصرة منافذها , مداخلها ومخارجها , سمائها وارضها , امنها ومؤسساتها , إيراداتها  ودخلها القومي , مناطق لا يراد لها ان تستقر , وصارت ساحة للموت وتفشي الجريمة وانتشار المخدرات والأوبئة والمرض والفقر والمجاعة , في ظل تغاضي التدخل الاقليمي , ما لم يكن هو ممونها , يغدق بالمال على العصابات والمليشيا لتكن جزءا من المشكلة لا حلا يرى في الافق المظلم .

انها النكبة والقرار الخاطئ الذي جر البلد لهذا الوحل , ولا حل دون هزيمة الانقلاب , واستعادة الوطن لسيادته وانتهاء مبرر التدخل الاقليمي والدولي لتعود للبلد شرعيته المحمية بشعبه واحراره من الشرفاء .

احمد ناصر حميدان