القتلة يحكمون عدن
الموت يجوب شوارع عدن ويحكمها اليوم في ظل غياب واضح للسلطة والمعارضة , عصابات مسلحة بزي عسكري ,تركب سيارة هيلوكس ,صورتها منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي , تجوب شوارع عدن , وتقتل في وضح النهار وامام مرى ومسمع المارة , في اكثر المناطق ازدحاما , خلقت حالة من الرعب بين اوساط السكان ,في مدينة تكتظ بالمسلحين , والثكنات العسكرية , والجدران الاسمنتية التي تحمي القادة والمسئولين , وتغلق الطرق والمتنفسات , بينما ظهور الناس مكشوفة للقاتل يختار ما يريد منهم وينتقي ضحاياه بحسب الشحن والتحريض والتوجيه , ما اسهل مهمة العصابات في عدن , لا يعترضهم احد , وان اعترض مواطن بسيط مسكين كأخر ضحية في الشيخ عثمان, يسكتونه برصاصة تخترق جمجمته وتنتهي الحكاية بتدوين الجريمة ضد مجهول , ويمكن استخدامها سياسيا ضد الخصوم المتهمين بالإرهاب , معبرا عن انحطاط وسقوط سافر للمعنيين .
حالة طبيعية للانفلات الامني , وغياب الضمير الانساني والوطني , في مدينة سوق رائجة للمخدرات , تغيب العقول , لتخرب النفوس وتعبث بالمجتمع ليسهل ادارته , خاصة وان المجتمع مشحون بتحريض سافر ضد الاخر , والفتاوى السياسية المدعومة عقائديا , في استخدام الدين كفتوى رمزوا لمعارضيه السياسيين وقرار اجتثاث المخالفين , والروح الانتقامية التي رسخها الجهل والتخلف في نفوس الحاضرين لوليمة المستبد الذي تربع سلطة الامر الواقع , هو اليوم يهيئ هذا الواقع ليكون قابلا متقبلا له فقط , بحيث لا صوت يعلو فوق صوته .
انه الارث البائس الذي يتوارثه الاجيال , والعقلية المريضة التي تعتقد انها قادرة على فرض امر واقع بالعنف والقتل والخوف ,ذهنية تتوهم اعادة الماضي للخلف لتحكم بالشمولية والديكتاتورية والاستبداد , لا ترى العالم من حولها , يكفيها الذهاب لأبوظبي للتعبية والشحن الذهني والروحي المدفوع الثمن , تنقله حرفيا , وتنفذ التعليمات كما هي , سجون ومعتقلات واعتقالات وتصفيات واحراق المؤسسات الاعلامية وتهديد الاقلام الحرة والرؤى المتحررة .
اليوم عدن مغلقة امام الراي الاخر والصوت الاخر مهدد , صحيفة اخبار اليوم , يتقطع لها المجرمون في النقاط العسكرية لاغتيال كل ما فيها من اخبار ورؤى وتحليلات ,نقاط تتجاهل السلاح والممنوعات , وتركز على الصحف والمجلات غذاء الروح والعقل , يمكن ان تمرر من خلالها ما يأخذ العقل , لكن صعب ان تمرر ما ينير ذلك العقل , لا يختلفون عن رجال الكهوف في صنعاء , هم ادوات طائعة لأبوظبي , ويعتقدون انهم قادرين ان يمنعون عنا نوافذ التنفس واستنشاق الحرية والكرامة , لا يدركون ان العالم اليوم قرية كونية واحدة ,صوتنا يصل لكل بقعه فيها ومنها عدن الحبيبة , صوت بفضح كل ممارساتهم وجرائمهم المدونة في سجلهم الاجرامي والتاريخ لا يرحم .
الذي يملك الحجة والحق , لا يمنع صوت الاخر ولا راي الاخر , يكون على ثقة انه قادر بحجته ان ينتصر , لكن الذي لا حجة له ولا حق هو من يمارس تضيق الخناق على الاخرين , بل ويقتلهم , ويستبيح اعراضهم .
اتمنى ان اكون غلطان , ويأتيني من يعتقد انه يحكم عدن بالمجرم الحقيقي ويقدمه للمحاكمة , حتى اموت بغيضي , لا مجال امامي غير اتهام من يعلن انه مسيطر على الارض وانه يملك من القوة التي تجعله حاكما , وهو المسئول عن امن وامان المدينة , اذا من المسئول هذا المواطن البسيط ام الضحايا ام المستهدفين , لازالت عقولنا تعمل ونفكر ونستطيع التمييز , لم تستطيعون انهاكنا لحد فقدان القدرة على التفكير والتمييز .
هذه عدن مدينة التسامح والحب والسلام , فسيفساء التنوع الفكري والثقافي والسياسي والعرقي والعقائدي لا يمكن ان تنتصرون عليها , بإهدار دماء ابنائها وقتل اخيارها والعقول النيرة فيها , ستنتصر اجلا او عاجلا بأذن الله
والله شاهدا بيننا وهو على كل شيئا قدير
احمد ناصر حميدان